وقفت دولة الإمارات منذ نشأتها موقفاً ثابتاً تجاه القضية الفلسطينية ينطلق من قيمها الوطنية الأصيلة ورؤيتها العربية والإنسانية، وحرصها على نصرة حقوق الفلسطينيين سياسياً وإنسانياً وتنموياً، حتى أضحت القضية الفلسطينية ركناً راسخاً في سياستها الخارجية .

وفي صدارة اهتماماتها، فجاءت مواقفها تجاه هذه القضية انعكاساً لمبادئها العميقة التي أرساها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حين أكد في مناسبات عديدة أنه لن يتحقق سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط إلا بعودة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وأن ذلك واجب أخلاقي، وعلى هذا النهج الراسخ مضت القيادة الحكيمة في تعزيز حضور الإمارات كصوت صادق وداعم للقضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية.

ففي الساحة السياسية، بذلت دولة الإمارات كل جهدها لدعم الحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها إقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وقد عبرت الإمارات في مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة وفي جميع اللقاءات الإقليمية والدولية، عن موقفها الثابت بضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل، يضمن إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، ويحقق الاستقرار والسلام في المنطقة، وسعت إلى حشد الجهود الدولية وتذكير المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه هذه القضية العادلة.

كما عملت الإمارات على توفير الدعم الدبلوماسي للقضية الفلسطينية في مختلف المنابر، مؤكدة أن حماية المدنيين ووقف الانتهاكات وإيجاد أفق سياسي يضمن حقوق الفلسطينيين، تمثل أولويات لا يمكن تجاوزها، ومن هذا المنطلق تبنت الدولة نهجاً فاعلاً في دعم القرارات الأممية المرتبطة بفلسطين، وأكدت في كل مناسبة أن الحل السلمي العادل هو الطريق الأمثل لإنهاء هذا النزاع الممتد لعقود طويلة.

وعلى الصعيد الإنساني والإغاثي، جسدت دولة الإمارات موقفها المستدام في مساندة الشعب الفلسطيني عبر مبادرات مستمرة، لم تتوقف عند حدود زمنية أو ظرفية، فقد امتدت أياديها إلى غزة والضفة الغربية، لتغيث الجرحى، وتطعم المحتاجين، وتبني المدارس والمستشفيات والمساكن.

فكانت المبادرات الإغاثية الإماراتية شريان حياة في أوقات الأزمات، وصمام أمان في الظروف الصعبة، لتؤكد أن البعد الإنساني في الموقف الإماراتي خيار استراتيجي يعكس أصالة قيمها الوطنية والإنسانية.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك، إنشاء مدينة الشيخ زايد في غزة، التي أصبحت رمزاً للعطاء الإماراتي الدائم، وتشييد المستشفيات الميدانية، ومشروعات الكهرباء والمياه والإسكان التي أسهمت في تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين.

كما أطلقت الإمارات عبر مؤسساتها الخيرية والإنسانية عشرات المبادرات لدعم الأسر الفقيرة ورعاية الأيتام، وتوفير فرص التعليم لأبناء الشعب الفلسطيني، لتغدو بصماتها الإنسانية شاهدة على التزام راسخ لا يعرف التردد.

وفي المجال التنموي، تميزت الإمارات بدعم مشروعات تعزز من قدرة الفلسطينيين على مواجهة الظروف الصعبة، وتوفر لهم مقومات العيش الكريم، فقد أسهمت في تمويل مشاريع البنية التحتية، ودعمت قطاعات التعليم والصحة والزراعة، إدراكاً منها أن التنمية المستدامة تمثل سبيلاً أساسياً لدعم الشعب الفلسطيني، وتمنحه الأمل في مستقبل أفضل.

وفي الأزمة الأخيرة التي تتعرض لها غزة، دعت دولة الإمارات إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع آمن، كما شددت على ضرورة إحياء المسار السياسي القائم على حل الدولتين.

ودعت المجتمع الدولي إلى التضافر من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني عبر اعتماد حل سياسي شامل، وواصلت تقديم الدعم الإنساني الطارئ بما يشمل الغذاء والدواء والإيواء والمستلزمات الطبية ومختلف الاحتياجات الإنسانية.

إن استقراء مسيرة الإمارات تجاه القضية الفلسطينية يكشف عن نهج مشرق، لم يتأثر بتقلبات الظروف ولا تتجدد التحديات، لأنه خط يستند إلى مبادئ راسخة في نصرة الحق، وإلى قيم متجذرة في التضامن العربي، وإلى رؤية استراتيجية تدرك أن استقرار المنطقة وتنميتها يتحقق من نافذة واحدة وهي الحق والعدل.

وهكذا تمضي الإمارات في مسارها الثابت، تجمع بين القول والعمل، وتترجم التضامن إلى مبادرات حيوية حية، وتحول المبادئ الراسخة إلى واقع ملموس مشرق، لتظل القضية الفلسطينية ركناً أصيلاً في سياستها الخارجية، وجزءاً من التزامها الأخلاقي والإنساني، وعنواناً لموقفها العربي الأصيل.