واحترام بين القادة الفاعلين في هذا النظام، وبالتالي فإن مسألة الاستعانة بهذه الدولة في تقريب وجهات النظر بين المختلفين سياسياً وبين المتصارعين عسكرياً أمر وارد وبقوة حتى ولو لم تظهر تلك الدولة في الواجهة الإعلامية أثناء توقيع الاتفاقيات وعند عقد القمم.
لأن هدف هذه النوعية من الدول ليس الظهور الإعلامي الذي عادة ما يتسابق عليه الكثيرون بقدر أن هدفها تقليص مهددات الاستقرار العالمي، وإنعاش التعاون الإنساني الدولي من خلال العمل في كواليس أو دهاليز السياسة الدولية.
على سبيل المثال لا الحصر نجاحها في إنهاء الخلاف بين أذربيجان وأرمينيا في يوليو الماضي، والذي امتد لأكثر من أربعة عقود، وكذلك نجحت الإمارات في إنهاء خلاف بين إريتريا وإثيوبيا، والذي امتد هو الآخر لأكثر من ثلاثة عقود، وذلك في عام 2018، وغيرها من النجاحات في مجال الوساطة الدولية.
ربما هذا ما يفسر حالة القلق التي تنتاب الأوروبيين الذين رافقوا الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى واشنطن يوم الاثنين الماضي ليس فقط من أجل تعزيز موقفه أمام الرئيس ترامب، وإنما في الحقيقة لمحاولة فك حالة الغموض حول ما تم في هذه القمة، التي ما زالت غير واضحة للكثيرين في العالم.
كما أن هناك بعداً إنسانياً كبيراً تركته هذه الحرب ليس في عدد القتلى والجرحى فقط، وإنما الأسرى بين الجانبين، وهو المدخل الإنساني الذي اخترقت فيه دولة الإمارات تعقيدات هذه الأزمة للتوسط بين الأطراف الفاعلة فيه، وخاصة روسيا والولايات المتحدة.
وهذا دليل كافٍ على حالة الثقة التي تتمتع بها دولة الإمارات. وقبل «قمة ألاسكا» بيوم واحد، أي في يوم 14 من أغسطس، كانت دولة الإمارات تعلن عن نجاحها للمرة السادسة عشرة في الوساطة بين روسيا وأوكرانيا في تبادل الأسرى، وهو مؤشر آخر على الفاعلية الإيجابية لدولة الإمارات في تفكيك حدة التوتر السياسي بين البلدين، وبالتالي تهيئة الأجواء لانعقاد «قمة ألاسكا».
فهي الأخرى كثيراً ما تساعد في حل الأزمات، وهنا لا بد أن نستحضر شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي تربطه علاقة احترام وتقدير مع كل من الرئيسين بوتين وترامب، فهل بعد كل هذا يستطيع أحد أن يقول: إن دولة الإمارات لم تكن حاضرة في «قمة ألاسكا»؟