كل ما سبق من مجريات وأوضاع ضاغطة ومستنزفة للوقت والجهد والأعصاب ستنتهي، لكن ما لن ينتهي هو المستقبل. مستقبل المنطقة يبدو حالياً في وضع ضبابي.
لكن الضبابية ستنقشع، ووقتها سيتضح أن الدول التي قاومت الانجراف في دوامة الصراعات والاكتفاء بالدوران في فلكها مستعدة لهذا المستقبل الذي يطرق الأبواب، مع العلم أن مقاومة الانجراف والغرق في الصراعات الآنية لا يعني أبداً التغاضي عنها، أو التقاعس عن تقديم كل ما يمكن تقديمه من عون ودعم وجهود لإنهاء حلقة الصراع المميتة.
إن الطفرة غير المسبوقة التي يشهدها العالم في تطور الذكاء الاصطناعي ربما تكون غير محسوسة لكثيرين في المنطقة العربية، وذلك بحكم هيمنة الصراعات وآثارها، إن لم يكن بشكل مباشر، فعبر القلق والتخوف منها، والتضامن مع الضحايا.
وجهود تقديم كل أنواع المساعدة والإنقاذ. الذكاء الاصطناعي القادم بثقة وسرعة وتحديث على مدار الساعة، يطرح تحديات معقدة عدة بينها المعضلات الأخلاقية، وطريقة التعامل مع حوكمة البيانات، والتحيز الخوارزمي.
وتفاقم أوجه عدم المساواة الناجمة عن تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، وغيرها من التحديات التي يبدو طرحها الآن أمراً غير مهم أو ذا أولوية في ظل الأوضاع الراهنة، وهذا رد فعل طبيعي ومتوقع، ولكن المطلوب هو بذل جهد مضاعف للجمع بين التعامل مع الوضع الصعب الراهن.
وكذلك المضي قدماً في طريق الاستعداد لما هو قادم على صعيد التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لاسيما أن كليهما لن ينتظر إلى أن ننتهي من التعامل مع الوضع الآني، ثم يتيح لنا فرصة اللحاق بالركب.
وبحسب رؤى العين، فإن الهواتف المحمولة والإنترنت أدوات تمكين متوفرة في أيادي ملايين العرب في المنطقة، بمن فيهم العالقون في مناطق الصراعات الحالية. والنسبة الأكبر من هؤلاء، وذلك بحكم التركيبة الديموغرافية العربية هم من صغار السن.
الأرقام تشير إلى نسبة 32 % تقريباً من السكان العرب في الفئة العمرية بين 15 و24 عاماً، مع ارتفاعها في دول مثل مصر لتصل نسبة السكان تحت سن 30 عاماً إلى 60 %.
وبالطبع، تظل مجالات التعاون العربي في مجال الذكاء الاصطناعي والاستفادة من المهارات والإمكانات المختلفة الموجودة أمراً بالغ الأهمية ينتظر التفعيل. خلاصة القول إن سوق العمل يعاد هيكلته. وضمان المستقبل يبدأ بالجاهزية والمواكبة والاستباق، لأن المفاجآت دون استعداد ستكون صادمة.