في رؤية دبي لجودة الحياة 2033، لا تقتصر معايير الرفاه على التطور العمراني والخدمات الحديثة، بل تشمل أيضاً الاهتمام العميق بالبيئة الطبيعية، باعتبارها عنصراً أساسياً في تحقيق التوازن بين الإنسان ومحيطه، وفي تعزيز الصحة الجسدية والنفسية للسكان.

ورغم أن دبي تقع في بيئة صحراوية بطبيعتها، إلا أنها استطاعت خلال العقود الماضية أن تطور منظومة بيئية متكاملة تجمع بين الاستدامة والتنوع البيولوجي والابتكار في إدارة الموارد. من المحميات الطبيعية، إلى الشواطئ المفتوحة، والمزارع العضوية، والمساحات الخضراء داخل الأحياء السكنية، تُثبت الإمارة أن الحفاظ على البيئة ليس عائقاً أمام التنمية، بل أحد مقوماتها الأساسية.

وتطمح دبي من خلال استراتيجية جودة الحياة إلى مضاعفة المساحات الخضراء، وتحسين جودة الهواء، والحفاظ على الحياة الفطرية، إلى جانب التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، والتقليل من البصمة الكربونية للمدينة. كما تسعى الإمارة إلى تعزيز الوعي البيئي لدى أفراد المجتمع، وتمكينهم من تبنّي سلوكيات مستدامة في حياتهم اليومية.

ومن أبرز المبادرات الداعمة لهذا المحور: تطوير محمية رأس الخور ومحمية المرموم، ومشروع زراعة مليون شجرة، وتحويل ممرات المشي والركض إلى مسارات طبيعية خضراء، إضافة إلى مبادرات إعادة التدوير، وتشجيع أنماط التنقل الصديقة للبيئة كالدراجات الكهربائية والحافلات النظيفة.

وتولي الاستراتيجية أهمية خاصة لتوفير بيئة معيشية صحية في كل حي من أحياء دبي، من خلال تعزيز التهوية الطبيعية، وتقليل الضوضاء والتلوث، وتوفير حدائق ومناطق استجمام قريبة من السكان. كما ترتكز على إشراك المجتمع المدني والمدارس والقطاع الخاص في تنفيذ البرامج البيئية.

إن محور البيئة الطبيعية في استراتيجية جودة الحياة يعكس وعياً متقدماً بأن المدن الناجحة لا تُقاس بناطحات السحاب فقط، بل بقدرتها على توفير هواء نقي، وظلال خضراء، وفضاءات هادئة تتيح للإنسان أن يتنفس ويتأمل ويعيش بانسجام مع الطبيعة.