إذا قيل لك: إنّ هناك زعيماً فذّاً قد ملأ الدنيا بذكره الطيب الجميل، واعتلى صهوة المجد من أوسع أبوابه، قد كتب على حسابه الشخصي في مواقع التواصل الاجتماعي كلمة في غاية النبل والتأثّر ينعى فيها إنسانة بسيطة عاشت في الظل في حارة من حواري مدينة كبرى مثل مدينة دبيّ، فاعلم أنّ ذلك الزعيم هو صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الرجل الذي تتجسّد في شخصيته أكمل معاني الإنسانية، ويجتمع في قلبه وعقله كل معاني النبل والصفاء والتواضع بحيث لا تشغله مسؤولياته الكبرى عن ملاحظة أحوال الضعفاء والبسطاء من الناس من الذين يعيشون على هامش الحياة في أغلب الأحيان، ولا غروَ في ذلك فهذا الكمال الأخلاقي هو جزءٌ من طبيعة شخصيّة صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد، وهو في جوهره العميق أيضاً جزءٌ من ميراث تربوي أصيل تلقّاه من والدين كريمين غرسا في قلبه حُبّ الناس والاهتمام بشؤونهم مهما كان موقعهم من الحياة.

وتعبيراً عن هذا الحس الإنساني الرهيف في شخصية صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد، كتب تغريدة إنسانيّة مُفعمة بروح الوفاء على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي نعى فيها سيّدة فاضلة من سوريا الشقيقة عاشت في دبي خمسة وأربعين عاماً، وكانت معروفة لسكّان دبي ببساطتها وحبّها للحياة والكائنات، وحين غادرت هذه الحياة وفارقت هذه المدينة التي احتضنت شبابها منذ خمسة وأربعين عاماً، كان صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد هو أوّل من كتب عن عُمق حضورها الإنساني البسيط في وجدان أهل دبي بما تمثّله من قيمة إنسانية في تاريخ هذه المدينة ليظلّ محمّد بن راشد إنساناً يعتزّ بإنسانيّته في المقام الأول، على الرغم من مسؤوليّاته الجِسام الّتي تستغرق وقته الثمين، لكنّ ذلك كلّه لم يكن حائلاً بينه وبين أهميّة العناية بهذه الشخصيات البسيطة التي لا يكاد يلتفت إليها أحدٌ في زحمة الحياة وضجيج الأصوات.

«هالة الميداني: من سوريا الحبيبة، 45 عاماً في دبي، ألِفها أهل دبيّ، تجلس دائماً في منطقتها المعتادة عند أسواق دبي القديمة»، بهذه اللفتة الإنسانيّة الكبيرة وبهذه اللغة الراقية ينعى صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد إنسانة بسيطة هي هالة الميداني من سوريا الشقيقة، المرأة التي حطّت بها الرِّحال في دبي مدينة التعدّد والتسامح واحترام الإنسان، وأكرمت دبي وفادتها واحتفظت بها خمسة وأربعين عاماً هي خير دليل على أنّ هذه المدينة تسكن قلوب ساكنيها، ولم يكن وجودها في دبي وجوداً جسديّاً، بل كان لروحها إشعاعٌ من نوع خاص جعل أهل دبي يألفونها ويمنحون وجودها قيمة إنسانية نابعة من البساطة والصدق، فقد كانت ذكيّة في تحقيق حضورها في وجدان أهل هذه المدينة من خلال اختيارها مكاناً خاصّاً تجلس فيه بشكل دائم عند أسواق دبي القديمة؛ مما منح وجودها حضوراً لا يمكن نسيانه.

«أحبّها الناس بسبب إيجابيتها الكبيرة، وحُبّها للحياة، وحُبّها للناس، وإطعامها للطيور والقطط، وتسامحها مع جميع الكائنات»، في هذا المقطع من التغريدة يتحدّث صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد عن قيمة الحب كعاطفة إنسانية نبيلة تجمع القلوب، وتُشيع روح الدفء بين الناس، فأهلُ دبي قد أحبّوا هذه السيدة بسبب سلوكها الإيجابي الجميل الذي تجلّى في حُبّها الصادق للناس وحُبّها للحياة في إطارها الكبير، بل وتجاوز ذلك الحُبّ دائرة حُبّ الإنسان لتشمل بمحبّتها الطيور والقطط، في إشارةٍ من صاحب السموّ إلى مبلغ الرقة واللطف في شخصية هذه الفقيدة الكريمة، التي استحقّت بأخلاقها الطيبة الكريمة مثل هذه الكلمة النبيلة من صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد الذي نذر حياته لإسعاد شعبه، ولم تشغله مواقع الحياة الكبرى عن النظر بعين المحبة والرعاية واللطف لكثيرٍ من البسطاء والضُّعفاء والمساكين الذين لا يجدون من يهتمّ بهم، فضلاً عن رعايتهم وتوفير فرص العيش الكريم لهم، والتنويه بهم حين يغادرون هذه الحياة التي احتضنت شبابهم وشيخوختهم.

«أحبّت الجميع، فأحبّها الجميع، رحمها الله وأسكنها أعلى جنانه، وأنزل على روحها الطيبة السكينة والرحمة والسلام»، وترسيخاً لقيمة الحُبّ في الحياة، وأنّه مفتاح القلوب الإنسانية اختتم صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد هذه التغريدة بهذه الثنائيّة المتبادلة عن صدق ووعي، فالمحبّة إرثٌ إنساني مشترك بين البشر، وحين تكون عميقة الحضور في حياتنا، تكون نتائجها طيبة مباركة، ويعيش بيننا أناسٌ يستحقّون أن نذكرهم حين يغادرون، وأن ندعو لهم بالمغفرة والرحمة وسُكنى الجنان.

وإذا كانت هذه التغريدة التي كتبها صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد تعبيراً عن اهتمامه بإنسانة بسيطة، فإنّ هناك مساراً كبيراً يتجلّى فيه اهتمام سموه بالإنسان البسيط الذي يحتاج للدعم والمساندة، فسموه هو صاحب مبادرة «صُنّاع الأمل» التي أصبحت واحدة من أهمّ المبادرات التي تهتمّ بالإنسان المبادر الذي يواجه تحدّيات الحياة الصعبة رغم كلّ الظروف، فهؤلاء البسطاء هم محل اهتمام صاحب السموّ، الذي رعى حفل تكريم أوائل صنّاع الأمل في الوطن العربي في الحفل الختامي للنسخة الخامسة بعد مشاركةٍ كثيفةٍ بلغت ستة وعشرين ألف طلب؛ مما يعكس عمق الحضور لهذه المبادرة داخل الحياة العربيّة التي يحرص صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد على ضخّ الدماء القوية داخل عروقها من أجل أن يظلّ الإنسان العربي شاهداً على الحياة منخرطاً في صناعة حلمه الخاصّ، لا سيّما حين يتلقّى مثل هذا الدعم السخي من لدن صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد، الذي أصبح مثالاً يُحتذى بين قادة الأمم والشعوب.