والتعامل مع التحديات من جهة، وفي المشهد الآني في المنطقة. ولو كانت المنطقة تعاملت مع الملفات الطائفية بشكل مختلف وعقلاني مبكراً، لما وصلت إلى ما وصلته اليوم، من منطقة ملتهبة محتقنة، فيها العديد من البؤر المهددة بالانفجار بين لحظة وأخرى.
وأنواع الخراب في هذه الحالة كثيرة، منها، على سبيل المثال لا الحصر، تدخّل جهات خارجية بحجة الحماية، وحين يتعرض بشر لخطر القتل أو الإصابة أو الإهانة، فلا تلام إن بحثت عن الحماية أينما كانت.
جروح المنطقة العربية كثيرة، وبعضها خطير، وأخطرها ذو الطابع الطائفي، أو الذي يستخدمه آخرون ليصبح طائفياً. عقود طويلة، ودول عدة تعاني من انهيارات عديدة في مجالات التعليم والتنشئة والتثقيف والصحة، والخدمات التي تحقق مبادئ العدالة الاجتماعية، وأبجديات الحقوق الإنسانية، هذه الانهيارات أرض خصبة للطائفية، وللتطرف، وللتشدد، وكذلك للانهيار الأخلاقي والاجتماعي.
وعدالة اجتماعية تضمن المساواة والعدل للجميع، لا عبر طوائف يتميز بعضها على بعض، ويحصل بعضها على مميزات، بالإضافة إلى الحصول على كافة الحقوق، وتترك الأخرى بلا حقوق.
ومنها ما يعاني التمييز والقهر، بناء على انتمائه الطائفي. الدولة والمجتمع والشعب الراغب في المضي قدماً، لا الرجوع للخلف، أو البقاء محلك سر، هي التي تعي أن المواطنة تعني الانتماء للوطن، لا للطائفة، وهي التي تقر بأن التعددية، سواء المذهبية أو العرقية أو الثقافية، منحة عظيمة، لا محنة يجب التخلص منها.
العلاج الجذري يتطلب نظرة واقعية، وتسليماً بأن حتى الدول التي تباهي دائماً بانتماء الغالبية المطلقة من أهلها لطائفة واحدة لا ثاني لها، تعاني بين الوقت والآخر من أعراض، ولو خفيفة.
إنها الأعراض التي تتجلى عبر تعليقات وآراء في ما يحدث من كوارث طائفية في دول أخرى، وهو المحتوى الذي يعكس في الأساس فكراً طائفياً، لم يجد بعد متنفساً قريباً، مثل صراع أو نزاع، ليعبّر عن نفسه بشكل واضح وصريح. بدءاً بالمناهج التعليمية والتنشئة في البيت والمدرسة.
مروراً بالخطاب الإعلامي والديني والسياسي، وانتهاءً بدولة القانون والمساواة والتنمية الاقتصادية، وتعزيز الحوار والحريات والتثقيف، تتم مواجهة الطائفية بالمواطنة، ولا بديل أو تسويف أو تغاضي عن ذلك الخلاص، لمن أراد للدولة الحديثة سبيلاً.