حينما يتم التقاط صورة جماعية، يحتار زعماء الدول بشأن المكان الأنسب لوقوفهم. ولذلك جاء البروتوكول ليرفع الحرج ويضع قواعد يتعارف عليها المسؤولون. من بروتوكولات العزاء مثلاً في بلداننا العربية إعطاء الأولوية لعامل السن في الوقوف أولاً أو مدى صلة قرابة الشخص للفقيد.

البروتوكول لفظة مشتقة من اللغة اليونانية Protocollon، حيث تطلق على الصفحة الأولى التي تلصق على المواثيق والعهود.. شيئاً فشيئاً تطورت وتمددت لتصبح كيف ننظم ونتصرف في كل مناسبة أو موقف وكيف نتعامل مع الضيوف وما شابه.

بدأت البروتوكولات منذ فجر التاريخ، ومن أشهرها تحريم تعريض حياة مبعوثي الدول للخطر.. فمن يحمل رسالة زعيم دولة مهما كانت قاسية تعارف البشر منذ القدم أن يُحمى هذا الشخص حتى يغادر أسوار المدينة.

من أنواع البروتوكولات، الصحية، والتقنية، والتجارية، والاقتصادية، غير أن أشهرها لدى العامة الدبلوماسية. ولا يعلم كثير من الناس أن الطب قائم أصلاً على فكرة البروتوكول..

فهناك مسارات علاجية عندما يسمعها طبيب في آخر رقعة جغرافية في العالم يدرك تماماً لماذا يتصرف طبيب كويتي أو إماراتي بهذه الطريقة.. لأنه ببساطة يتبع بروتوكولاً طبياً معيناً قبل الانتقال إلى آخر.

غير أن أشهر حوادث هفوات البروتوكولات التي يذكرها الناس تدور حول ميادين السياسة.. ففي إحدى زياراتها الرسمية لبريطانيا، أمسكت السيدة الأمريكية الأولى، ميشيل أوباما، يد الملكة إليزابيث ثم احتضنتها بطريقة عفوية أمريكية.

لكنها تجاوزت بذلك البروتوكول الملكي. وعندما هبطت طائرة الرئيس أوباما لوحظ عدم وجود السجاد الأحمر للطائرة الرئاسية وسلم الطائرة المناسب كما جرت قواعد البروتوكول، الأمر الذي أحدث ضجة إعلامية حيث أُعتبر تقليلاً من شأن الضيف.

تهدف البروتوكولات إلى منع الارتباك والإحراج الذي قد يصيب الناس، في ترتيب أماكن الجلوس أو مراسيم الاستقبال والتكريم والاحتفال، وموائد الطعام وغيرها.. وتهدف أيضاً إلى الحفاظ على الاحترام المتبادل، وتقدير الثقافات.

وجود البروتوكول يقلل احتمالية وقوع الصدمات.. ذلك أن مشكلتنا كبشر تكمن في الفجوة ما بين التوقع والواقع، فكلما زادت الهوة بين الاثنين زاد مقدار صدمتنا، فلذلك نحرص على أن يفهم الجميع البروتوكول.

من هنا اعتبرت اتفاقية فيينا عام 1961 المرجع الأساسي للبروتوكول الدبلوماسي ففيها تتحدد مزايا الحصانة وأسبقية الشخصيات الرسمية، وحقوق البعثات الدبلوماسية وغيرها.

ومهما كان منصبك، فقد تكون عرضة لهفوة بروتوكولية غير مقصودة، أحدثها ما جرى قبل أيام للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في مراسم تتويجه لنادي تشيلسي الفائز بلقب كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة الأمريكية..

وذلك حينما بقي في منصة التتويج لوقت أطول مما هو المطلوب منه، اللاعب مارك كوكوريا قال إنهم تلقوا تعليمات بروتوكولية بعدم رفع الكأس قبل مغادرة الرئيس الأمريكي للمنصة، غير أن ترامب بقي لفترة أطول، فحار الفريق بين التعليمات وما يجب عليهم فعله، ومما أثار قلق قائد الفريق أكثر أنه كان يظن أنه قد يكون هدفاً لقناصين حسب تعبيره!

البروتوكول هو مجموعة من القواعد والتوجيهات التي يتضح من خلاله السلوك السليم الواجب اتباعه في شتى المواقف، ويأتي بشكل مكتوب أو شفهي. ويقال إن كلمة مراسم هي المرادف العربي لكلمة بروتوكول الأجنبية.

والبروتوكول يختلف عن اللياقة etiquette، حيث الثانية تدور حول الآداب العامة، بينما تتعلق الأولى بترتيبات رسمية مرتبطة بالسلطة والمكانة والمهنة. وتتعاظم أهمية وجود البروتوكولات في وقت تتنامى فيها الأحداث وتتشعب ما يوجب فهم البروتوكولات وتطويرها بين حين وآخر.