في الثامن عشر من يوليو عام 1971 شهدت دولة الإمارات لحظة فارقة في مسيرتها الوطنية، حين اجتمع القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع إخوانه حكام الإمارات.
ووقّعوا على إعلان الاتحاد وسطروا دستور الدولة، لتشرق في ذلك اليوم معالم وحدة وطنية زاهية، تجلت فيها أحلام كبيرة وطموحات فائقة وتطلعات مشتركة لبناء دولة قوية رائدة، ترتكز على الثوابت الراسخة وتفتح ذراعيها للمستقبل الواعد، وتجعل من سعادة المواطن ورفعة الوطن جوهر رؤيتها الاستراتيجية.
في هذه اللحظة التأسيسية انطلقت تجربة وطنية رائدة في المسار العربي الحديث وفي التاريخ العالمي المعاصر، تجربة اتسمت برسوخ المبادئ وتكامل الرؤية ومحورية الإنسان كهدف أصيل للتنمية والازدهار، ومن هنا جاء إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عن يوم عهد الاتحاد ليكون مناسبة وطنية متجددة تعيد إلى الأذهان لحظة التأسيس الأولى.
وتؤكد استمرار العهد على المضي قدماً في طريق الاتحاد، بكل ما يحمله من قيم الوحدة والعزم والولاء والانتماء، وليجسد هذا اليوم التزام القيادة الراسخ بمواصلة مسيرة البناء، وترسيخ مكانة الإمارات نموذجاً عالمياً في التنمية والازدهار والريادة الإنسانية.
لقد أرست تلك اللحظة معالم التحولات الكبرى في مسيرة الوطن، انطلقت منها دولة الإمارات نحو تحقيق إنجازات متسارعة وقفزات نوعية في مختلف الميادين، واضعة نصب أعينها الريادة والتفوق في الداخل والخارج.
ومنذ تلك اللحظة شقت طريقها بثبات واقتدار، فشيدت البنى التحتية، وطورت القطاعات، فكان الاهتمام بالتعليم والصحة وتوفير المساكن وتطوير الخدمات، وواصلت الدولة نهجها في تحقيق الإنجازات النوعية في مختلف المجالات، بما في ذلك علوم الفضاء والطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي، وتمكين الشباب والمرأة، واستثمار الطاقات الوطنية.
وإرساء منظومة متكاملة من التشريعات والسياسات التي تعزز التنمية المستدامة، حتى غدت نموذجاً تنموياً فرداً، ومثالاً حياً على ما تصنعه الرؤية الواضحة والإرادة الصادقة من تحولات كبرى في عمر الشعوب والدول.
وفي ظل هذه المسيرة المضيئة جسدت القيادة الحكيمة رؤية استباقية تستشرف المستقبل، وتواكب التحولات العالمية، فكانت سباقة إلى صياغة الخطط الاستراتيجية، وإطلاق المبادرات النوعية، وتعزيز الشراكات الدولية، بما يرسخ مكانة الدولة على خريطة الدول المؤثرة، وامتدت جهود دولة الإمارات لتكون فاعلاً دولياً يعزز قيم الحوار.
ويشارك بفاعلية في صيانة السلم الإقليمي والعالمي، وبناء الجسور مع مختلف المجتمعات عبر العمل التنموي، والمساعدات الإنسانية، والتواصل الحضاري، لتغدو الدولة منارة دولية مضيئة في تعزيز القيم الإنسانية، ومركزاً عالمياً للتسامح والتعايش.
ومن يتأمل التجربة الإماراتية يلمس أنها تستند إلى قاعدة متينة من المبادئ التي تحولت إلى ثقافة وطنية حية، انعكست على سلوك مؤسساتها، وتفاعل مجتمعها، وتوجهات سياستها الخارجية، ثقافة قائمة على الريادة والتقدم والتسامح والقيم الحضارية الراقية.
ومن أبرز ملامح الاتحاد ترسيخ القيم الحضارية التي تعزز الوئام والانسجام في المجتمع، من الوحدة والتلاحم وتضافر الجهود والالتفاف خلف القيادة الحكيمة، وفي ضوء هذه القيم والاستراتيجيات استطاعت دولة الإمارات أن تواجه التحديات المتنوعة بحكمة وحنكة.
وأن تحافظ على استقرارها وسط متغيرات متسارعة، وأن تحظى بنموذج مثالي في التماسك الوطني والتلاحم المجتمعي، وأن تبني جسور العلاقات المتينة مع مختلف الدول، بما يعزز السلام والتنمية في المنطقة والعالم.
وتأتي مناسبة يوم عهد الاتحاد لتذكر الأجيال بأن ما نتمتع به من الازدهار والاستقرار ما هو إلا ثمرة تخطيط دقيق، وعمل دؤوب متواصل، ورؤية استشرافية طموحة، كما تحمل هذه المناسبة دعوة متجددة إلى مواصلة السير على النهج الفاعل ذاته الذي سار عليه الآباء المؤسسون.
إن مناسبة يوم عهد الاتحاد تمثل وقفة وطنية جليلة، نستمد منها معاني الوفاء والولاء، ونجدد من خلالها الالتزام بالعهد الذي مضى عليه الآباء المؤسسون، واستمرت في ترسيخه من بعدهم القيادة الحكيمة، لتمضي دولة الإمارات في مسيرتها المشرقة في بناء الإنسان، وصون المكتسبات، وتعزيز مكانتها عالمياً، وتواصل مسيرتها الاتحادية، لتزداد قوة وتماسكاً، وتبقى راية هذا الوطن عالية خفاقة في سماء الإنجازات الخالدة.