أوهام التوسع وإعادة رسم مساحات النفوذ، التقديرات لدى المختبرات، وداخل عقول مصممي الثورات الملونة، تهدف إلى إعادة رسم الخرائط بتوقيع فلسفة الفوضى الخلاقة، وفق نظريات برنارد لويس، وبريجينسكي، اللذين كانا يؤمنان بالطرق الخفيف المستمر أسفل جدران الخرائط.
هذا المسار الهجين بين كل هذه النظريات، قاد المنطقة إلى محطة البارود الاستراتيجي، وهي محطة عام 2011، التي انفجرت في وجه شعوب المنطقة، وأحدثت زلازل من نوع خاص لم تشهدها من قبل منطقة شرق المتوسط.
وإن شهدتها أقاليم عالمية أخرى في شرق أوروبا، وأوكرانيا وجورجيا والاتحاد السوفييتي بالطبع، لكن هذه الطبعة من الربيع الملون اختلطت فيها الحروب الناعمة والخشنة، وخلّفت حروباً أهلية وصراعات دولية، واعتداءات من قوى خارجية على الدول التي أصيبت بهذه الفوضى.
ولا تكتفي إسرائيل بهذا القدر، بل تقوم بقصف المقدرات الاستراتيجية السورية في جميع أنحاء الدولة السورية، بهدف ضم الجولان، والجنوب السوري إلى الأبد، وصناعة حرب أهلية بين بقية الطوائف السورية المختلفة، تمهيداً لنهب ثروات سوريا من المياه التي تدعي إسرائيل أنها بحاجة إليها.
حيث لا تتوقف إسرائيل عن قصف لبنان، برغم وجود القرار الدولي 1701، الذي يحدد المسارات في الجنوب اللبناني، فإسرائيل تمزق القانون الدولي في لبنان، بهدف ضم جنوب الليطاني إليها.
وفي مرحلة أخرى التوسع حسب خريطة التوراة، فلا شك أن هذه الأحلام تصطدم بواقع يؤكد أن زلزال الحرب الإسرائيلية على دول الجوار، برغم ارتداداته الصعبة، فإنه لا يمكن أن تتحقق هذه الأحلام على أرض الواقع، فإذا كانت إسرائيل قد استفادت من غزو أمريكا للعراق، ووقوع ما يسمى الربيع العربي.
وانتشار جماعات الإرهاب والعنف التي عملت على تقويض المنطقة، فإن شعوب الإقليم العربي وشعوب العالم انتبهت إلى خطر الأطماع الإسرائيلية، وتهديدها للاستقرار الدولي.
وقد لفتت نظري مجموعات الشباب، والطلاب في جامعات العالم، وهم يخرجون مناهضين لسياسة الإبادة الإسرائيلية، ولعل أغاني الفرق الموسيقية على مسارح العالم، التي فاجأت الإسرائيليين أنفسهم، تأتي تأكيداً على تغيير المزاج السياسي العالمي في المستقبل.
فهؤلاء الشباب لم يعاصروا مسألة العداء للسامية، ولا يعنيهم الأمر، بل ينظرون إلى الدم المسفوح في غزة على أنه جريمة حرب لا تسقط بالتقادم، وتستوجب العقاب بالقانون الدولي. زلزال الخرائط السياسية يتمدد، لكن المهم هو الإدراك الصحيح لأخطار الإقامة على الرمال السياسية المتحركة.