ويمكن اعتبار تصريحات ترامب الجديدة تحولاً في الموقف الأمريكي من النزاع الروسي الأوكراني شريطة أن تكون لها تداعيات فعلية وحقيقية. وتحاول دول أوروبا الدفع باتجاه تأويل مواقف ترامب الأخيرة على أنها وقوف منه على حقيقة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الرافض في تقديرها لأي إمكانية لإحلال السلام.
وهي من منظورهم نتيجة منطقية لخيبة أمل الرئيس الأمريكي في نظيره الروسي، خصوصاً أن التدقيق في المنطوق المعلن للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يمكن بالفعل الملاحظ من الوقوف على ذلك.
وأثار حينها تأييد ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مخاوف وتساؤلات جدية من احتمال تغيير دراماتيكي في أجندته الجيوسياسية، وبما يتعارض مع مصالح حلفائه التقليديين وخصوصاً أوروبا.
وبدا للأوروبيين أن ترامب قد وصل إلى نقطة تحول في العلاقة مع بوتين وجب بالتالي استغلالها وتوظيفها بالشكل الأمثل، غير أن تمكين روسيا من مهلة الـ 50 يوماً تثير بعض التوجس من أن يكون ذلك هدية يقدمها ترامب لبوتين من أجل تمكينه من إتمام مخططه في أوكرانيا.
ويذهب اعتقادنا إلى اعتبار هذه المخاوف الأوروبية والأوكرانية في محلها، لجهة تزامنها مع مواقف أمريكية تضرب في العمق وحدة واستقرار أوروبا.
وهو كذلك ما يفهم من إلزام الدول الأوروبية العضوة في منظومة الحلف الأطلسي الترفيع في إسهامها والريادة في الإنفاق العسكري بما يعادل 5% من موازناتها،.
ويطلب من الدول الأوروبية ذلك رغم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المستفحلة، ولعل التلويح الأمريكي بالتخلي عن دورها في حماية أوروبا، إن هي أخلت بهذه الشروط، هو أكبر التجليات التي تؤكد أن تغييراً ما طرأ على مواقف البيت الأبيض بخصوص أوروبا.
رغم أن الأوروبيين قد يجدون صعوبات جمة في تحديد سياسة موحدة في مجالي السياسة الخارجية والدفاع نظراً لتنامي قوى اليمين المتطرف في عديد الدول الأوروبية.
وإن القناعة الراسخة لدى ترامب هي أن مصير أوكرانيا أن تكون منطقة نفوذ روسي مهما كان فعل الدول الأوروبية وغيرها، ويبقى المطلوب من بوتين هو الوعي بأهمية استعادة الرئيس الأمريكي إلى صفه من خلال منحه نصراً رمزياً يقيه موجة النقد الداخلي والخارجي، ويمنعه من الذهاب بعيداً في دعم وتسليح أوكرانيا.