في مقال سابق، كنا تناولنا موضوع المهارات الحياتية بوصفها مفاتيح للتميز الشخصي. من خلال مقال اليوم سوف نتناول موضوع المهارات الحياتية مجدداً لأهميتها في دعم مناهج التعليم، خصوصاً أننا نحيا في عصر تتسارع فيه التغيرات، لذلك أصبح من الضروري أن تتطور مناهج التعليم لتواكب احتياجات الأجيال القادمة؛ إذ لم تعد المعرفة العلمية وحدها كافية لضمان النجاح في الحياة، بل أصبح من الضروري تزويد المتعلمين في المؤسسات الأكاديمية المختلفة من مدارس وجامعات بمجموعة من المهارات التي تمكنهم من مواجهة تحديات العالم المعاصر بمرونة وكفاءة وفاعلية. من هنا، تبرز أهمية إعادة النظر في مناهج التعليم، من خلال دعمها بمجموعة منتقاة من المهارات الحياتية بوصفها جزءاً رئيساً في منظومة العملية التعليمية.
مقال اليوم يستهدف عرض وتحليل عشر مهارات حياتية نعتقد أن تضمينها في مناهج التعليم يعد أمراً على مستوى عال من الضرورة والأهمية.
1. الاتصال والتواصل الفعال: القدرة على التعبير عن الأفكار بشكل واضح ومفهوم، من خلال استخدام الكلمات والصياغات اللفظية المناسبة، إلى جانب ضبط لغة الجسد، وطبقة الصوت، مع تفعيل فنون الاستماع والإنصات الجيد للطرف الآخر.
2. صياغة الأهداف تحت مظلة الاستثمار الناجح لمورد الوقت: تحديد الأهداف المستقبلية بأسلوب علمي ومدروس، بما يجعلها محددة بدقة، ويمكن قياسها، وقابلة للإنجاز، وواقعية، فضلاً عن كونها مؤطرة زمنياً. جدير بالذكر أن المهمات والنشاطات المرتبطة بتحقيق الأهداف ينبغي أن تخضع لمبدأ التخطيط الفعال لمورد الوقت، مع إمكانية الاستعانة بمصفوفة المستعجل والمهم في هذا المقام.
3. صنع القرارات وحل المشكلات مع توظيف الأنماط المناسبة من التفكير: الحياة عبارة عن طيف واسع من القرارات التي ينبغي صناعتها، مع كم كبير من المشكلات التي تستلزم حلولاً؛ لذلك لا بد من تعلم أنماط التفكير الضرورية في هذا المجال، مثل التفكير التحليلي، والتفكير الإبداعي، والتفكير النقدي؛ للتمكن من تحليل البيانات، واستخلاص المعلومات، ومن ثم صياغة قرارات تتصف بالعقلانية والموضوعية.
4. الذكاء العاطفي: يوفر الذكاء العاطفي قاعدة تمكن الفرد من التفاعل الإيجابي مع ذاته والآخرين؛ وذلك من خلال فهم الذات، والقدرة على إدارة الذات، وفهم الآخرين، والقدرة على التفاعل الإيجابي مع الآخرين.
5. التعاون والعمل الجماعي: تأصيل قيمة التعاون لدى الإنسان يمكنه من التفاعل البناء مع الآخرين؛ وصولاً إلى تحقيق أهداف مشتركة تحقق مصلحة الجميع. علماً أن التعاون من خلال العمل الجماعي، يوفر الإمكانية لتوزيع المهام بين أفراد المجموعة الواحدة، مع التحديد الدقيق للأدوار، إلى جانب التنسيق الجيد، وتعميق روح الألفة، والانسجام، والتقدير، والاحترام المتبادل.
6. التفكير المالي وضبط الإنفاق: إدارة المال، والموازنة الإيجابية بين التوفير والإنفاق، وتعلم فن الادخار، وتوزيع الأموال بين الاحتياجات المختلفة، مثل السكن، والغذاء، والعلاج، والتعليم، والترفيه. كلها تعد أموراً بالغة الأهمية، خصوصاً إذا ما علمنا أن المال هو عصب الحياة، إذ يؤثر على مفاصل الحياة المختلفة.
7. الصحة الشخصية: ضبط الجانب الصحي يتم من خلال تعلم أصول التغذية، وما يتعلق بأهمية اختيار الإنسان لما يناسبه من أطعمة ومشروبات صحية تساهم في المحافظة على لياقته البدنية والذهنية. إلى جانب ممارسة الرياضة بشكل منظم ومتوازن، مع المحافظة على النظافة، والأخذ بأسباب الوقاية من الأمراض، والجراثيم، وعوامل التلوث المختلفة.
8. المواطنة الرقمية والاستخدام الآمن للتكنولوجيا: في عصرنا الحالي، وفي المستقبل بشكل متزايد، تمثل التكنولوجيات المتقدمة، وما يتعلق بشبكة الإنترنت تحدياً تربوياً يوجب على الأفراد تعلم أساليب التفاعل الإيجابي مع المحتوى الرقمي الذي تتضمنه هذه الشبكة، إلى جانب الاستخدام الآمن لوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، مع أهمية احترام خصوصية الآخرين، وتجنب التنمر الإلكتروني، واتباع السلوكيات الأخلاقية، وحماية البيانات الشخصية، والابتعاد عن المواقع الضارة، وتوعية الأطفال والشباب بالمخاطر التي قد تواجههم في الفضاء الرقمي.
9. المرونة والتكيف: التفكير المرن، والقدرة على التكيف مع التغيرات المفاجئة في الحياة أو العمل من دون فقدان التركيز. المرونة هنا تعني الانفتاح على الأفكار الجديدة، وتغيير الخطط، وفقاً للمواقف، والمستجدات.
10. الاستدامة والمحافظة على البيئة: تتعلق الاستدامة بالاستخدام العقلاني للموارد الطبيعية، بشكل يضمن استمراريتها للأجيال القادمة من دون إحداث ضرر بيئي. يضاف إلى ذلك الاجتهاد في تقليل التلوث، والمحافظة على التنوع البيولوجي، واستخدام الطاقة المتجددة، وتوفير المياه، وإعادة التدوير.
ختاماً نقول: صحيح أنه من المهم تعليم الطلبة في المدارس والمؤسسات الأكاديمية للعلوم المختلفة، مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلم الحياة، وغيرها. إلا أنه بالتوازي ينبغي التركيز أيضاً على مضامين المهارات المذكورة في هذا المقال؛ نظراً لأهميتها البالغة في حياة الإنسان عموماً، وفي الحياة المهنية خصوصاً.