الجميع يستطيعون أن يقدموا العطاء، سواء بأموالهم، أو حتى بمشاعر صادقة نابعة من قلوبهم.
عندما نتحدث عن العطاء بصفة عامة، وفي مختلف مجالاته، ومنها إنفاق المال من أجل مساعدة المحتاجين، فإنه قد يتبادر للذهن أنها صفة تميز أمة أو شعباً أو مجتمعاً دون سواه، والحقيقية أن الإنسان أدرك قيمة العطاء والبذل والإيثار، منذ القدم، ومنذ فجر تاريخه، لذا، ستجد دوماً أن العطاء، صفة تقدرها كل أمة من أمم الأرض وكل شعب، بل ويوجد في تراث الكثير من الأمم، من تدعو وتؤيد هذه الخصلة الإنسانية النبيلة، حيث نجد في الثقافة الصينية مثلاً يقول: «مثلما يعود النهر إلى البحر، هكذا يعود عطاء الإنسان إليه».
والإنجليزي يقول في أمثاله: «العطاء مع البشاشة نعمة مضاعفة»، ومثله الشعب الفرنسي، الذي من أمثالهم الشهيرة: «الإسراع في العطاء يعني العطاء مرتين»، وقد جاء من بين الأمثال الدنماركية، قولهم: «الرجل السخي يزداد غني في العطاء، والبخيل يزداد فقراً في الأخذ»، أما العرب، فلم يكونوا بعيدين أبداً عن هذا المضمار، فقد قالوا: «إذا كان لديك الكثير، فأعطِ من أموالك، وإذا كان لديك قليل، فأعطِ من قلبك»، وهذه المقولة تحديداً، تحمل دلالة كبيرة، وتمنحنا الصورة الحقيقية عن العطاء، وعن عموميته، وبأنه ليس حصراً في المال، العطاء قيمة عظيمة دون شك، وهو ينم عن كرم النفس، وطيبة القلب ودماثة الخلق.. إن من يجعل العطاء مبدأ من مبادئ حياته، هو كمن يفتح نافذة واسعة من الخير على هذه الحياة، لأن العطاء للفقراء والمحتاجين، هو فتح نافذة من الأمل في قلوبهم، هو مساعدتهم على التغلب على ظروف الحياة وتقلباتها، وخلال هذه الأيام، انطلقت حملة «جسور الخير»، التي تنظمها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، بالتنسيق مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي ووزارة تنمية المجتمع، والمؤسسات الإنسانية والخيرية في دولة الإمارات، لتجميع المساعدات الإغاثية العاجلة للمتأثرين من الزلازل في سوريا وتركيا، شهدنا توافداً كبيراً من مختلف أفراد المجتمع من مختلف الجنسيات، للمشاركة في حملات الخير، بلغ عددهم أكثر من 1200 متطوع، استطاعت الحملة خلال فترة قليلة، لا تتجاوز ساعتين، تجهيز 8 آلاف صندوق من المساعدات، في تجسيد لقيم البذل والتسامح والعطاء التي رسختها دولة الإمارات.
كل هذا التجاوب الكبير من أفراد المجتمع مع الحملة، سواء من خلال المساعدات النقدية، أو من خلال المساعدات العينية، ذلك أسوة بقيم العطاء الإنساني التي ورثها شعب الإمارات، من المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
إنها الإمارات، تمد جسور الخير للعالم، وتعمل على تعزيز العمل التطوعي ومساعدة المحتاجين، دون انتظار مقابل، نعم، إنها دعوة لتخصيص جزء من أوقاتنا لتقديم الخدمات، ومد يد العون للمعوزين والفقراء، ليس من أجلهم وحسب، وإنما من أجل قلوبكم وصحتكم، فلتكن جسر خير ومحبة وعطاء للآخرين.