التربية موضوع كبير ومتعدد وحيوي ولا يمكن أن نهمل دوره في بناء الأجيال القادمة، ومن الطبيعي أن تواجه الأسر تحديات كبيرة في تربية أبنائها، وتلجأ الكثير منها إلى البحث عن سبل مختلفة للتربية في إطار التحديات التي يعاني منها الجميع والتطور السريع، وهذا ما تعكسه الكثير من المواقف اليومية؛ فمن خلالها نرى نتيجة تلك التربية وتداعياتها.. متكبر متغطرس لديه حالة غريبة من الغرور والكبرياء ويعامل الضعفاء بالإهانة والتكبر وسيل من الإهانات والتسطيح؛ شخص غير متعلم (أمي) لا يعرف التطور ولا التكنولوجيا ولكن ربما يكون على درجة راقية في التعامل مع الآخرين والبساطة.

إنني لا أرغب بتعميم مثل تلك الظواهر التي نجدها أحياناً في بعض الجلسات العائلية أو في مقار أعمالنا ووظائفنا وربما في الأماكن العامة ونتفاجأ بكمٍّ من السطحيات وتباين كبير في السلوكيات والأخلاق، وفي ظل هذه السلوكيات التي نراها وتتضح لدينا يطرح في أذهاننا تفسير لمثل هذه الحالات، نعم إنها نتيجة التربية، فتعاملنا مع الآخرين، مهما كانت أخلاقهم يعود إلى تربيتنا فإذا أحسن الأبوان التربية، فهذا حتماً ينعكس على تعامل الأبناء وأخلاقهم مع الناس

هناك بعض الآباء يتساهلون مع أبنائهم ويمنحونهم كل شيء دون تفكير، ودون إنجازات، فيكبر الابن معتمداً على أبويه في كل شيء، والمثل الصيني القديم، يختصر مثل هذه المحبة التي لا تساعد الطفل لا بل ربما تدمره في شبابه يقول: «إذا كنت تحب ابنك فاجلده، وإن كنت لا تحبه فامنحه السكاكر».

إنني لست مع الإيذاء الجسدي وإنما التربية تكون بالتعليم والحب والرعاية والإشراف والتوجيه المستمر، أو بفرض واجبات منزلية يجب أن يكملها وقيم يجب أن يتعلمها وكلها تتوجه نحو تربيته وليس الهدف منها أذيته جسدياً أو نفسياً.

إن القصد من التربية تعليم الطفل طوال فترات نموه ووضع خطوط حمراء أمام الطفل يجب أن يحترمها، وأن يدرك أن الحياة فيها أنواع مختلفة من الواجبات والمهام وتحتاج منه للجدية والالتزام بكل مراحلها المختلفة، وخلال فترة الشباب قد يغلب عليهم الحيوية والنشاط بشكل كبير فيتجاوز البعض منهم حدوده ويتصرف دون احترام أو من دون ضوابط أو بلا حدود، وربما يتعود البعض على مثل هذه التصرفات نظراً لعدم وجود رقيب على تصرفاتهم، فتراهم للأسف يتصرفون بطريقة صاخبة في الأماكن العامة، وأيضاً عندما يمارسون نشاطهم الرياضي في مواقع ليست للرياضة، كل هذه الأمور إذا لم يتم ضبطها بالتربية حتماً سوف تكون كارثة على المجتمع، فإذا استمرت قد يكون لها نتائج عنيفة وكوارث مثل العنف والإيذاء والألم النفسي والقلق ونحوها.

إن أطفالنا يحتاجون للرعاية والتوجيه، البعض منا قد يعتقد أن ابنه وإن كبر جسده فإنه يتمتع بنفس خبراته ومعارفه في هذه الحياة، ولكن الحقيقة أن الشاب يحتاج إلى التعامل معه بحذر والتنبه للكثير من النقاط أثناء التعاطي معه.