تعتبر مدينة الصويرة في المغرب من أفضل الأماكن المحببة لدي، وهي مدينة استقر بها سيدي محمد بن عبدالله وجعل منها منطلقاً للبحارة، وهو الذي سماها باسمها. وتطل المدينة على المحيط الأطلسي.
وفي اللغة العربية تنحدر كلمة "الصويرة" من كلمة "صورة" وبذلك فإن اسم المدينة يعني "الصورة الصغيرة". بنى البرتغاليون في القرن الخامس عشر تحصيناتها الأولى. ويعد "سكالا" الماثل فيها حتى اليوم، المفتوح على المحيط الأطلسي مثالاً على هذه التحصينات. سميت المدينة فيما بعد باسم موغادور، وهو اسم أطلقه عليها أحد محتليها الكُثر. المدينة موجودة على الخرائط منذ زمن بعيد.
وعلى الرغم من أنها كانت ساحة للعديد من المعارك، إلا أن الطرف الشمالي كان المكان الأسهل لإرساء الأعداء سفنهم فيها.
وفي القرن الثامن عشر بدأ التجار الأوروبيون بالتوافد على المدينة والتجارة مع أهلها. حاكمها الفعلي وقتها كان سيدي محمد بن عبدالله والذي عقد العزم على جعلها أهم مرفأ على البحر الأبيض المتوسط.
فضلاً عن انه سمح لمختلف الأجانب بالسكن في المدينة والتجارة مع سكانها المحلين. فكان أول من استقر فيها من الأجانب رجل أتى من الدنمارك. كما رحب هذا الحاكم الذكي بمجموعة من المستثمرين اليهود الذين استقروا فيها وأسهموا فيما بعد بتطوير المدينة وجذب أجانب آخرين للإقامة فيها. ولذلك أصبح مرفأ موغادور المرفأ المغربي الأول الذي يتاجر مع العالم غير الإسلامي.
جمال المدينة جذب الكثير من الفنانين، الأمر الذي كان سبباً في بناء الكثير من المتاحف فيها، منها مثلاً متحف فريدريك داماغارد. وفي عام 1764 سكنها السلطان سيدي محمد بن عبدالله وهاجم أعداءه في مرفأ أغادير الجنوبي. ميناء الصويرة أصبح فيما بعد همزة وصل بين تمبكتو والدول الأوروبية، ومن هناك أيضاً ازدهرت تجارة الذهب والملح والعاج وريش النعام، الأمر الذي أسهم في ثراء المرفأ.
وفي عام 1912 أسس الفرنسيون محميتهم وغيروا اسم المدينة مجدداً إلى موغادور. وفي هذه المدينة صوّرَ الشهير أوسون ويلز أجزاء من فيلمه المأخوذ عن رواية لشكسبير "عطيل". وهي ذات المدينة التي استقر بها نجم السبعينات في رقص الروك أند رول جيمي هيندريكس.
المدينة أصبحت فيما بعد المكان المفضل لراقصي الهيبي وممارسي رياضة التزلج على الأمواج ومحبي المتعة.
كما تشتهر مدينة الصويرة بإنتاجها شجرة الأراغان التي تنمو في المناخ الصعب الجاف، الذي يسود جنوب غربي المغرب.
وتشتهر شجرة الأراغان بثمارها التي يُستخرج منها زيت ثمين وهو الزيت الذي أصبح فيما بعد بمثابة ذهب البربر، والذي أصبحت النساء تستخدمنه في الطهي والزينة. أخيراً فقط أصبح هذا الزيت معروفاً لدى الغرب، فهو يباع بثمن باهظ. وكان الأندلسيون هم أول من ذكروا هذه الشجرة في كتاباتهم ومنهم المؤلف ليون الأفريقي لدى زيارته أفريقيا.
موغادور هي أيضاً المكان الذي التقيت فيه بالفنان الإيطالي الشهير روغيرو جيانجياكومي، الذي كان يملك معرضاً عالمياً للفنون. والذي أصبح فيما بعد الفنان الذي رسم الكثير من كتبي وخاصة المفضل لدي "القطة والفنان"، والذي نشرته دار الشروق المصرية المعروفة.
وفي كل صيف يقام في مدينة الصويرة مهرجان للموسيقى العالمية لنوع خاص من الموسيقى القبلية تسمى غناوة. المدينة مليئة بالمعارض الفنية، وتزخر بأعمال فنية محلية لفنانين مشهورين. المدينة اليوم أحد المواقع الأثرية المدرجة على قائمة اليونيسكو.