فكرة فريق العمل هي الفكرة الأعمق جذوراً في تفكير صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وهي ليست مجرد فكرة مثالية بل هي منهاج عمل عميق الحضور والتجذّر في طبيعة الحياة الإماراتية، ولتوضيح هذا العمق داخل الروح الوطنيّة كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد فصلاً في غاية الأهميّة بعنوان «القرار وفريق العمل» هو الفصل الخامس من كتابه المتميز «رؤيتي:

التحدّيات في سباق التميّز»، ومن أبدع ما استدلّ به صاحب السمو على تغلغل فكرة فريق العمل في الروح الإماراتيّة ما ذكره من سيرة الأجداد في الغوص في قاع البحر للحصول على اللؤلؤ، حيث قصّ هذا الحدث بأسلوب سَرْديّ فائق الجاذبية قال فيه:

«يعرف الجميع مدى نجاح أجدادنا في رحلات الغوص، تلك الرحلات مثال جيد على إدراك أهمية الفريق، فلكلّ فردٍ من أفراده عمل محدّد يقدّمه في الوقت المناسب بأفضل أداء ممكن، إنّ تعاون الجميع شرطٌ أساسيٌّ لتحقيق هدف العودة بمحصول جيّد، أما الفرديّة فكانت تعني الخسارة وربّما الهلاك لذا فإنّ الفريق قوّة أساسيّة وراء كلّ عملٍ كبير، وفهم كلّ عضوٍ من أعضاء الفريق دوره جيّداً يزيد شعوره بالمسؤولية المشتركة، ويجعله أكثر إصراراً والتزاماً بتحقيق أفضل النتائج».

تأسيساً على هذا الجذر الاجتماعيّ العميق لفكرة الفريق الناجح، ينطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في معركة الحياة الكبرى، معركة بناء الوطن والإنسان، وأدرك منذ فترة مبكرة أنّ بناء الوطن لا يمكن أن يتمّ بجهودٍ فرديّة وخططٍ ارتجاليّة، فوضع نُصب عينيه فكرة فريق العمل في جميع مشاريع الدولة ومؤسّساتها، وليس مُهِمّاً المستوى الذي يعمل فيه هذا الفريق.

فالفكرة صالحةٌ للتطبيق في جميع مسارات الحياة ابتداءً من فريق التدريس في المرحلة الابتدائية وليس انتهاء بفريق المهندسين العاملين في علوم الفضاء، فالمهمّ هو أن تكون فكرة الفريق هي الّتي تقود الروح العامة للعاملين، بحيث يتحمّل الجميع مسؤولية النتائج: فخراً بالنجاح، وتحمُّلاً للإخفاق.

قبل خمسة وعشرين عاماً تم تأسيس المكتب التنفيذيّ في دبيّ، وكانت مهمَّته الكبرى هي تطوير دبيّ، وخلق حالة تنموية مستدامة ومتفردة، بحيث تتقدّم دبي في سُلّم المؤشرات العالمية، وفي داخل أروقة هذا المكتب تمّ تحقيق المشاريع الكبرى التي تقترب من حدود المستحيل والتي كانت تنفيذاً باهراً لرؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد الذي أراد لدبي أن تكون مدينة تحتضن أفضل نموذج للعيش في العالم، واستطاعت خلال هذه المرحلة أن تحقّق من الإنجازات ما جعلها في الصفّ الأوّل من مدن العالم الكبرى، ولا يتّسع المقام لسرد هذه المنجزات التي هي شاهدُ الصِّدق على الجهود الكبرى التي بذلها هذا المكتب الساهر على مجد دبيّ، والحريص على أن تظل في حالة تطوّرٍ مستمر تحقيقاً لرؤى صاحب السموّ، وتكريساً لمكانة دبيّ بين مدن العالم الكبرى.

وتقديراً لهذه الجهود الكبرى التي بذلها المكتب التنفيذي في هذه المسيرة المتميزة، نشر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد تغريدة رائعة الدلالة على مدى احترامه لهذا المكتب العتيد الذي يحكي التطوّرات الكبرى في مسيرة دبي، وتعبيراً عن ثقته المتجدّدة بهذا الفريق الذي يُجدّد ذاته وصورته وروحه من خلال إنجازاته التي تسري في روح دبيّ وأهلها.

«احتفلتُ مع فريق عملي في المكتب التنفيذي بمرور 25 عاماً على تأسيس المكتب»؛ بهذه الكلمات المتوهّجة بالبهجة والفخر يفتتح صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد هذه التغريدة التي يحتفي فيها بفريق عمله الذي انخرط منذ خمسة وعشرين عاماً في تنفيذ رؤى صاحب السمو من خلال بيتهم الدافئ: المكتب التنفيذي، ولعلّ القارئ يلمس عمق العلاقة بين صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد وبين العاملين معه حين يجعل هذه العلاقة على شكل المضاف والمضاف إليه (فريق عملي) ومعلومٌ أنّ من دلالات الإضافة في اللغة ما يُسمّى دلالة الاختصاص، فهذا الفريق قد فاز بشرف العمل مع صاحب السموّ بكل ما يفرضه هذا الشرف من مسؤوليات واستحقاقات.

«خلال 25 عاماً كان المكتب التنفيذي مصنعاً للأفكار، وداعماً لاتخاذ القرار، ومسرّعاً للتغيير، وذراعاً تنفيذيّاً لرؤيتنا في صنع المستقبل» في هذا المقطع من هذه التغريدة تلخيصٌ مكثّف للمهامّ الكبرى التي ينهض بها المكتب التنفيذيّ، فهذا المكتب هو المكان الذي تُصنع فيه الأفكار الخلّاقة من خلال الحوار حولها وإنضاجها.

واتخاذ جميع التدابير الكفيلة بإنجاحها، كما كان المكتب داعماً لاتخاذ القرار لا سيّما في المشاريع التنموية الكبرى التي لا تخلو من ملامح المخاطرة، وتحتاج إلى إيقاعٍ سريعٍ في التنفيذ ليكون هذا المكتب هو الذراع القويّة في تنفيذ جميع الرؤى التي كان صاحب السموّ يفكّر فيها ويعمل على تنفيذها من خلال هذا المكتب الذي يقوم بواجباته بكلّ شرفٍ وكفاءةٍ واقتدار.

«مشاريع المكتب في كافة المجالات الحكومية والاقتصادية والمجتمعية والتقنية ستبقى نموذجاً لطريقتنا في العمل، وأسلوبنا الفريد في صنع وتسريع التغيير وتمكين واحتضان الأفكار، ورفع السقف أمام كوادرنا الشابة» في هذا المقطع من التغريدة توضيحٌ ممزوجٌ بنبرة الفخر.

حيث يؤكّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أنّ مشاريع المكتب في كافة المجالات هي ذات طابع نموذجيّ متفرّد يجعل منها أسلوباً فريداً في العمل وصنع التغيير من خلال إيقاعٍ سريعٍ مدروسٍ يؤدّي إلى تمكين الأفكار واحتضانها، ويرفع السقف عالياً أمام المواهب الشابة التي سيرحّب بها المكتب الذي يحرص على ضخّ الدماء الجديدة من فئة الشباب الذين يمتلكون نبضاً خاصّاً بهم يستجيب لسرعة الإيقاع الّذي تتّسم به الحياة الحديثة.

«شكرنا وتقديرنا لفريق عملنا عبر ربع قرنٍ من الإنجاز وهم خلف الكواليس، وسيبقى رهاننا على الشباب وأفكارهم وسرعتهم لبناء مستقبل أفضل وأجمل لبلادنا» وبأخلاق القائد الكريم يتقدّم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بالشكر والتقدير لأعضاء الفريق العامل في المكتب التنفيذي، مؤكِّداً بذلك على ضرورة تحلّي القادة الإداريّين بهذا الخلق الكريم الذي يحترم العمل ضمن روح الفريق.

والابتعاد عن نزعة التسلّط والاستبداد وبروز الروح الأنانيّة في القيادة، فهذا الفريق الذي ينجز أكبر الإنجازات من خلف الكواليس هو النموذج الذي يجب أن يكون سائداً في مسيرة الدولة التنموية، هذه المسيرة التي ستظلّ مشرعة الأبواب لجميع فئات العاملين لا سيّما فئة الشباب التي تمتلك دائماً الرؤى الجديدة والقدرة على المغامرة والقفز خارج الصندوق من أجل خلق حالةٍ من الإبداع والتجدّد في مسيرة الوطن نحو التميّز والإنجاز.