في خطوة نوعية تعكس رؤية دبي في أن تكون عاصمة للثقافة والفنون على مستوى المنطقة والعالم، أطلق سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، مشروع «أوركسترا دبي».
في مبادرة تعد الأولى من نوعها في الإمارة وواحدة من أبرز المبادرات الثقافية في المنطقة. ويعكس هذا المشروع حرص القيادة الرشيدة على ترسيخ مكانة دبي وجهة للإبداع الثقافي، وجعل الفنون أحد محركات التنمية الشاملة والمستدامة.
حيث يأتي تأسيس «أوركسترا دبي» في سياق استراتيجيات متقدمة تسعى إلى تعزيز الهوية الثقافية للإمارة والانفتاح على الفنون العالمية، بحيث تضم الأوركسترا نخبة من العازفين الإماراتيين والعالميين، وتسهم في تقديم أعمال موسيقية راقية تمثل التمازج بين التراث المحلي وروح الحداثة. إنها ليست مجرد فرقة موسيقية، بل منصة لخلق حوار حضاري بين الشرق والغرب، وجسر لتبادل الإبداع الفني بين الشعوب.
وتتوافق هذه المبادرة الطموحة مع أهداف استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي، التي تسعى إلى تحويل دبي إلى مركز عالمي للإبداع والابتكار الثقافي. كما تنسجم مع «أجندة دبي الاقتصادية» D33، الهادفة إلى ترسيخ موقع الإمارة ضمن أفضل ثلاث مدن اقتصادية في العالم. فالموسيقى والفنون ليست فقط أدوات للتعبير الإنساني، بل أصبحت اليوم جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد الجديد الذي يربط بين الإبداع والنمو المستدام.
ويكتسب هذا المشروع أهمية خاصة لأسباب عدة، أهمها أنه يسهم في بناء بنية تحتية ثقافية متكاملة في دبي، تدعم مختلف الفنون، وتفتح المجال أمام الشباب الموهوبين لصقل مهاراتهم والانطلاق إلى آفاق أرحب. كما يمثل المشروع فرصة لدولة الإمارات لتسجيل حضور فعّال في المحافل الموسيقية الدولية، ويشكل رافداً جديداً لصناعة الثقافة التي أصبحت أحد محركات الاقتصاد الإبداعي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن فرص الاستفادة من الموسيقى والأغاني المحلية في معزوفات هذا المولود الجديد تعد حلماً ينبغي البناء عليه. فأناشيد الهولوا واليامال وأهازيج العيالة والآه الله والمالد وغيرها، يمكن أن تكون أساساً لمقطوعات عالمية تضيف جديداً لهذه الفنون.
إذاً فالاهتمام بالموسيقى الكلاسيكية والفنون الرفيعة لم يعد ترفاً، بل ضرورة لتكوين مجتمع متوازن يحتفي بالجمال والعمق الإنساني، ويقدم نموذجاً حضارياً للمنطقة. ومن خلال «أوركسترا دبي»، تبعث الإمارة برسالة واضحة مفادها أن الفنون والثقافة هما ركيزتان أساسيتان في مستقبلها، جنباً إلى جنب مع الاقتصاد والتكنولوجيا.
إن هذه المبادرة لا تعد مجرد إنجاز فني، بل هي ترجمة حقيقية لرؤية دبي الثقافية وتأكيد جديد على أن للإمارات كلمة مسموعة في فضاء الإبداع العالمي. والأهم، هو أن القيادة الرشيدة تؤمن إيماناً راسخاً بدور الفنون والثقافة في دفع عجلة التقدم والرقي.