وُفّقت اللجنة المنظمة لكأس العرب المقامة حالياً في الدوحة في اختيار شخصية «جحا» لرفعها شعاراً للبطولة، هذه الشخصية العربية الضاربة في عمق التراث، والتي ارتبطت بالحكمة والذكاء والفطنة الساخرة، حتى لُقّب صاحبها بـ«فيلسوف العرب».
اختيار جحا لم يكن مجرد تميمة، بل رسالة ثقافية تُعيد التذكير بجذور الهوية العربية، وتقدّم للعالم رمزاً يجمع بين البساطة والعمق، وبين الطرفة والحكمة.
جاء هذا القرار في عاصمة الكرة العالمية الدوحة، التي باتت شاهداً على تطور ملموس في الفكر الرياضي القطري، وحرصه الدائم على تقديم نموذج متقدّم في استضافة البطولات وصناعة الرياضة.
وكل من يزور قطر يلمس هذا التوجّه بوضوح، حيث تُعدّ العلاقات فيها نموذجاً متميزاً للتعاون بين الدول، ودليلاً على متانة الروابط الأخوية والإرث المشترك والشراكة الاستراتيجية الراسخة بين دول المنطقة.
هي علاقات تنبع من تاريخ طويل من التكامل والمصير الواحد، وتعكس ما قدمته دول الخليج وشقيقاتها العرب من دعم كبير للمنظمات الكروية في العالم.
وقد شهدت الدوحة إطلاق عدة بطولات في توقيت واحد، بتنظيم احترافي دقيق يليق بسمعتها، وكعادتها تتألق وتثبت يوماً بعد يوم ثقة المجتمع الرياضي الدولي بمكانة الخليج وقدرته على الإبهار. فبطولات المنطقة لها طعم خاص، يجمع بين المتعة والبصمة الفريدة.
وتتجه الأنظار اليوم نحو عجوز الدورات العربية لكرة القدم، البطولة التي انطلقت من لبنان عام 1963، لتعود إلى أحضان الدوحة وتستعيد بريقها وتخرج بثوب جديد يتماشى مع الاعتراف الدولي، ولتكون حديث الشارع العربي من جديد.
وها نحن نستمتع بمنافسة شريفة بين أبناء الوطن العربي، تجمعهم الروح الرياضية ووحدة المصير.
لا شك في أن كرة القدم هي اللعبة المحبوبة لدى الشعوب، الساحرة المستديرة التي تخطف القلوب والعقول، ويلاحقها الجمهور في المدرجات، وعبر الشاشات، وفي جميع وسائل الإعلام.
وقد أصبحت اليوم صناعة عالمية متكاملة، لم تتأخر دول الخليج في اللحاق بها، بل شاركت بقوة في تطويرها فنياً وإدارياً وتنظيمياً، ورسّخت مكانتها في هذا المجال بعد ما حققته منظومتها الكروية من نجاحات باهرة.
وباتت الكرة الخليجية واحداً من أهم المرتكزات التي تعتمد عليها الاتحادات الدولية والقارية والعربية، سواء في التنظيم أو التطوير الفني... والله من وراء القصد.