يعجبني في الرياضة البحرينية عملها المؤسسي المنظم، ونهجها القائم على التخطيط الاستراتيجي الواضح، فبعد نجاحها اللافت في تنظيم دورة الألعاب الآسيوية للشباب التي انتهت قبل أيام، سارعت إلى التقدم بطلب استضافة دورة الألعاب الرياضية العربية 2027، لتكون بذلك ثاني دولة خليجية بعد الدوحة تستضيف هذا الحدث الأولمبي العربي الكبير.

هذا التوجه يعكس رؤية وطنية شاملة تدرك أن الرياضة ليست منافسة فحسب، بل هي رافد للسياحة والتنمية والترويج الحضاري، وهو ما يحسب للأشقاء في مملكة البحرين الذين يستحقون كل التقدير على هذا الفكر الراقي والعمل المؤسسي المنظم.

وأعود هنا إلى ذاكرة لجنتنا الأولمبية الوطنية، حين كنا قد تقدمنا قبل أكثر من عشرين عاماً بطلب مماثل لاستضافة دورة الألعاب العربية، واتُخذ القرار حينها، لكنه للأسف لم يرَ النور، فتوقف حلمنا الأولمبي العربي رغم أننا نملك كل المقومات من بنية تحتية وملاعب وصالات ومنشآت تغطي مختلف إمارات الدولة.

نحن قادرون اليوم على تنظيم حدث يفوق حجم الدورة العربية، لو توحدت الجهود وتكاملت الخبرات، فذلك هو جوهر العمل المؤسسي الحقيقي، وهو ما يقع ضمن مسؤوليات الجهات الرياضية في الدولة من وزارة، ولجنة أولمبية، ومجالس رياضية، ولجنة التنسيق الرياضي التي تشكلت بعد إلغاء دور مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة.

على صعيد آخر، شهدت العاصمة السعودية الرياض انتخاب الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، رئيساً لاتحاد اللجان الأولمبية الوطنية العربية لدورة جديدة تمتد من 2025 إلى 2029، وقد لفتتني كلمته التي أكد فيها تضامن الاتحاد مع الأشقاء في فلسطين، ودعمه للرياضيين الفلسطينيين الذين يواصلون تمثيل وطنهم رغم التحديات، مشدداً على أن القضية الفلسطينية ستبقى في وجدان الجميع، سائلاً الله أن يعم السلام والعدل أرض فلسطين الحبيبة.

كما سُجل حدث تاريخي آخر بانتخاب الشيخة حصة بنت خالد آل خليفة، نائبة للرئيس عن العنصر النسائي، في سابقة هي الأولى من نوعها عربياً، ما يعكس نقلة نوعية في تمكين المرأة الرياضية العربية.

وأقر المجتمعون كذلك استضافة البحرين دورة الألعاب الرياضية العربية الثامنة عشرة عام 2027م، على أن تستضيف السعودية الدورة التاسعة عشرة عام 2031م، في اتفاق يعكس روح التعاون الخليجي والعربي لخدمة الرياضة وتطويرها.

إن مثل هذه الخطوات الواعية تؤكد أن الرياضة العربية اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التماسك ووحدة القرار، خصوصاً أن منطقتنا أصبحت محوراً رئيساً في الخريطة الرياضية العالمية والقارية والأولمبية.

ولا أخفيكم، كنت أتمنى أن يكون لإحدى كفاءاتنا الإدارية الوطنية حضور في لجان الاتحاد العربي، خصوصاً أننا كنا من المؤسسين الأوائل له. غيابنا عن المشهد يثير تساؤلاً مشروعاً: لماذا؟ والله من وراء القصد.