تعد الرياضة المصرية من أعرق المدارس في العالم العربي، فقد كانت سبّاقة في ممارسة الرياضة وتنظيمها، واستفادت منها معظم الدول العربية، التي استلهمت خبراتها الإدارية والفنية والإعلامية، مصر لم تكن مجرد دولة تمارس الرياضة بل كانت منارة رياضية وثقافية، أسهمت في بناء جسور من المحبة والتواصل بين الشعوب العربية، وكانت بحق معياراً للتقدم والتنمية في كل مجتمع.

لقد حرصت الدولة المصرية بمؤسساتها كافة على ترسيخ مفهوم الرياضة حقاً مكتسباً، وعلى توفير بيئة متكاملة لتنمية قدرات أبنائها، فكانت نموذجاً يحتذى به في التكوين والتأهيل، إذ خرّجت أجيالاً من المدربين والإداريين والإعلاميين والحكام، الذين كان لهم الأثر الكبير في تطوير الرياضة العربية.

وعبر التاريخ عرفت مصر بريادتها منذ العصور الفرعونية، حيث مارس المصريون القدماء الرياضة من أجل الصحة والقوة، ثم توارثت الأجيال هذا الشغف حتى العصر الحديث، ومع الاحتلال البريطاني عام 1882 بدأت ملامح الرياضة الحديثة في الظهور حين تأسس أول فريق مصري عام 1895 باسم «فريق ناشد»، لتبدأ بعدها مرحلة الأندية والبطولات الرسمية. وفي عام 1921 تم تأسيس أول اتحاد مصري لكرة القدم، لتشهد الرياضة المصرية بعدها قفزة نوعية جعلتها مركز إشعاع رياضي في المنطقة.

ومنذ ذلك الحين أصبحت مصر تمد دول الخليج بخبراتها الرياضية من لاعبين ومدربين وإداريين، فزارتنا فرق مصرية عديدة، وشاركت في بطولات داخل الإمارات، فتركت أثراً طيباً، وأصبحت علامة مضيئة في تاريخ العلاقات الرياضية العربية.

واليوم تتجه الأنظار إلى العاصمة أبوظبي واستاد محمد بن زايد، حيث تقام كأس السوبر المصري بين الأهلي والزمالك.. قمة المنتخبات والأندية والنجوم! نريدها مباراة «سوبر» بكل معنى الكلمة، تعكس الوجه المشرق للرياضة المصرية والعربية، بعيدة عن أي توتر أو خروج عن الروح الرياضية. نثق بأن أسرتي الناديين الكبيرين تدركان حجم المسؤولية، وأن جمهورهما الواعي سيجعل من اللقاء كرنفالاً رياضياً راقياً داخل المستطيل الأخضر وخارجه.

المنظمون في الإمارات هيأوا كل سبل الراحة للأشقاء المصريين، لأن الأهلي والزمالك ليسا مجرد ناديين، بل ضيوف أعزاء في بلدهم الثاني، في قلوبنا قبل ملاعبنا.

نتمنى أن تكون المباراة عنواناً للازدهار والاستقرار في مصر، خصوصاً في المجالات الشبابية والرياضية، وأن نرى من خلال هذه القمة صورة حضارية مشرقة، تعكس مكانة الرياضة المصرية والعربية معاً.. والله من وراء القصد.