بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، تلقينا ببالغ الحزن والأسى نبأ وفاة الزميل العزيز كمال طه، أحد أعمدة الصحافة الرياضية، بعد رحلة طويلة من الكفاح والصبر مع المرض.

رحل عنا أحد كبار رجالات المهنة، ممن نذروا حياتهم لخدمة الكلمة الصادقة والحقيقة الرياضية. كان صوتاً نزيهاً لا يحيد، وقلماً وفياً لا يساوم، وإنساناً نادراً في زمن تغيرت فيه المفاهيم، فرحيله يطوي صفحة من صفحات الزمن الجميل، زمن الصحافة الملتزمة، حين كانت الكلمة أمانة والمهنة رسالة.

كان الراحل شاهداً على عصور ذهبية للرياضة، ورفيقاً لأجيال صنعت تاريخنا الرياضي، يتنقل بين الملاعب والمكاتب، كاتباً صاحب رؤية وموقف، ظل وفياً لمبادئه حتى آخر لحظة في حياته.

عرفناه دمث الخلق، واسع الصدر، كريم النفس، ونِعْم الأخ والموجه. لم يبخل يوماً بتجربته أو بخبرته، وكان دائم العون والسند لزملائه، خصوصاً الجدد منهم، الذين احتضنهم كأب وأخ كبير، لا يبخل بالنصح، ولا يتأخر عن الدعم.

برحيله، نفقد جسده، لكن تبقى روحه حاضرة في أركان المهنة، في كل سطر كتبه بإخلاص، وفي كل موقف شريف دافع فيه عن الحقيقة. فمنذ منتصف الستينات، كتب كمال طه في عدد من الصحف المحلية، واشتهر بعموده اليومي الشهير «نقاط فوق الحروف»، الذي عبر فيه عن مواقف صادقة وآراء جريئة.

لم يكن مجرد كاتب، بل صاحب بصمة واضحة في مسيرة الإعلام الرياضي، وممن أثروا الساحة الصحافية، وتركوا خلفهم اسماً كبيراً وسمعة طيبة. تنقل بين الصحف والمطبوعات، وأسهم في نقل الأحداث وتوجيه الرأي العام بنقده البناء ورأيه السديد.

وقد تحدث الراحل كثيراً عن المواقف الإنسانية التي عاشها في دولة الإمارات، التي لم يشعر فيها بالغربة طيلة أكثر من ثلاثين عاماً، قضاها في بلاط صاحبة الجلالة، ناقلاً نبض الملاعب وصوت الحقيقة.

رحم الله كمال طه، رحيلك خسارة كبيرة للمهنة ولمن عرفك عن قرب... إنا لله وإنا إليه راجعون