من لا يحفظ ماضيه لن يحفظه مستقبله. من منطلق هذه القاعدة تولّدت الحاجة إلى تدوين الأحداث وحفظ التواريخ والأسماء، وهذه المواضيع التوثيقية جعلتني على مدى السنوات العشر الأخيرة أبدأ مهمة رافعا شعار كي لا يضيع تاريخنا الرياضي.
فأصداء الذاكرة هي مجموعة أسباب دعتني أن أسجل جزءاً من مرحلة مهمة تمثل مسيرة اعلامية رياضية تستحق الإشارة إليها، لما لها من ارتباط بواقعنا الرياضي والإعلامي والمهني والشخصي، كما نركز فيها على الدور المهم للآباء المؤسسين، ولأولئك الذين واجهوا المشقات والمصاعب في عبور البحار والمحيطات والسفرات.
وراء عرضي لهذه المواد الصحفية والمواضيع التي أراها تتعلق بالتوثيق الذي للأسف نفتقده كثيرا على الرغم من بعض المحاولات راجيا بان تنال رضاكم جميعا، فالمحطات رئيسية في مسيرة وحياة مجتمعنا. الذي اصبح اليوم من بين المجتمعات التي تؤمن بمدى أهمية التواصل لبناء مسيرة خيرة. فنحن أمام تجربة عمر، وامام مرحلة مهمة وهو السبب الذي دعاني لتبني مثل هذه المواضيع فتابعوني، وحياكم الله.
نعود لنواصل الذكريات مع الحارس حسن الأمير ونسأله كيف يقارن حراس المرمى زمان بإمكانياتهم مع حراس المرمى اليوم؟
** يقول الأمير: فرق شاسع في حراس المرمى بين أيام زمان واليوم لكن الموهبة هي التي تفرض نفسها، ففي أيام زمان لم يكن هناك مدرب يدرب هؤلاء الحراس أو يعلمهم وكانت العملية قائمة على التلقائية والموهبة.
ويتذكر الأمير: في ذات مرة وخلال دورة الخليج الثالثة لم يشرك المدرب شحتة اللاعب أبو شين وفي المباراة الثانية لعبنا أمام البحرين وشارك وأحرز هدفين في ذلك اليوم لنفوز على البحرين 4/0 وفي ذلك الوقت كان هذا بمثابة تحول كبير أن تهزم الإمارات البحرين، وأذكر أن الواحد منا أيامها لم يكن يستطع أن ينام على جنبه من الآلام التي كانت تسببها الحصا وسوء الملاعب.
أيام صعبة
ويضيف: على أيامنا لم نكن نعرف مدرب حراس ولا يوجد قفازات وتعتمد على يديك أما الآن فيوجد مدرب خاص للياقة البدنية ومدرب للحراس وزيادة على ذلك التفرغ للكرة، ومن ناحيتي كنت أخرج وأذهب إلى عملي كضابط مركبات في الشارقة والمباراة تقام الساعة 3.30 وانا خارج من الدوام الساعة 1.30 فأذهب إلى المباراة مباشرة دون راحة.
وأذكر أنه عندما كنا نذهب لنلعب مع العين مثلا كانت تواجهنا صعوبات عديدة لأن الطريق صعب ولا يوجد نوم في الفنادق كما هو الآن، وكان اللاعب يعاني لعدم وجود الإمكانيات عكس ما يحدث الآن حيث إن الأمور سهلة وميسرة.
كيف ترى حراس المرمى اليوم؟
يوجد اليوم حراس مرمى مميزون منهم ماجد ناصر وعلي خصيف، وباقي الحراس الباقون لديهم الفرصة ليتميزوا في الساحة لوجود المقومات والإمكانات التي لم يجدها غيرهم، إذ يكفي فقط أنك تتفرغ للعب فهذا عصر الاحتراف.
في مباراة الكويت التي خسرنا فيها 6/0 ألم يغضب منك المدافع يوسف محمد والذي كان سريع الانفعال؟
كان عمري في ذلك الوقت 17 عاماً وكنت قد انتقلت من الأهلي إلى الزمالك ولم أستعد للعب المباريات فضلا عن أن المباراة كانت ضد الكويت بجاسم يعقوب وعلي الملا والطرابلسي وفاروق وكنا وقتها نتمنى أن نرى هذه الأسماء فقط ناهيك عن أن تلعب معهم.
ذكرت أنك لعبت مع الكويت والبحرين وقطر؟
لعبت مباراة قطر والكويت وتعادلنا 0/0 وخسرنا بضربات الترجيح وخسرنا المركز الثالث، وكنت أنا في حراسة المرمى.
عندما كان دون ريفي مدربا للمنتخب أخذك إلى دورة الخليج الخامسة فحدثنا عن هذه المشاركة؟
اختار المدرب دون ريفي مجموعة من الحراس وذهبنا إلى هولندا وهم بالإضافة لي إبراهيم وجاسم الظاهري وخميس سالم، وعندما عدنا اختارني أنا وإبراهيم وخميس سالم، ولعب ابراهيم المباراة الأولى أمام السعودية وخسرنا 2/0، كما وخسرنا 5/0 من العراق.
اتهامات المدرب دون ريفي
في هذه الدورة ظهرت بعض المشاكل والاتهامات ضد دون ريفي حيث تحدث بعض اللاعبين عن أخطاء وقع فيها المدرب فأين كان حسن الأمير في هذه الأزمة؟
أذكر أن دون ريفي اجتمع مع اللاعبين وقال لنا يا إبراهيم رضا وحسن الأمير أين أنتم من بيتر شلتون وكليمنس فلم نرد عليه في ذلك الوقت، وقال الكابتن أحمد عيسى لن أتكلم مع الصحافة إلا عندما أرجع إلى الدولة، وكان عيب المدرب تبديله وتغييره باستمرار للتشكيلة في كل مباراة لدرجة أنك لا تعرف من سيلعب في المباراة المقبلة ما خلق نوعا من عدم الاستقرار فقد كان مترددا دائما.
وربما كان المدرب دون ريفي تكتيكه أعلى أو لم يفلح معنا في ذلك الوقت حتى أنني أذكر بعد الرجوع من بغداد قال بالحرف الواحد إن الإمارات لن تصل إلى كأس العالم الا بعد 10 سنوات وتحققت توقعاته في جزيرة سنغافورة ومنها إلى إيطاليا.
المحطة الأخيرة
بعد العودة من بغداد 1979 عاد حسن الأمير إلى دياره ولعب مع الوصل.. متى كان آخر محطة أو مشوار مع فريق الوصل هل في عهد نينوس؟
في عام 1980 ذهبت إلى دورة لغة في بريطانيا وقد كانت مشكلتي كلاعب كرة هي الدورات التي أثرت في مستواي وعندما عدت بعد 6 أشهر لم أجد فرصة في الفريق فاعتزلت عام 1981، وقد شهد عاما 1981 و1982 تفوق الوصل بشكل غير عادي بحصوله على بطولتي الدوري العام المتتاليتين أيام المدرب ريموس.
ألم تنظم لك مباراة اعتزال وهل كان لديك رغبة في هذه المباراة؟
لم تكن لدي رغبة لأنني اتجهت إلى الدراسة فذهبت إلى القاهرة للدراسة بكلية التربية الرياضية وتخصصت في كرة القدم والسباحة.
ما علاقة حسن الأمير بالسباحة؟
كان بالكلية تخصصات جماعية وفردية، واخترت السباحة وكان الدكتور عادل المسؤول عني فنصحني بالسباحة وتعلمت السباحات الأربع، ودخلت اتحاد السباحة عن طريق الحاج خميس من نادي الوصل والذي كان رئيسا لاتحاد السباحة، لمدة 3 دورات.
هذه الحلقة خصصناها لحراس المرمى للتاريخ، وتاريخ حراس المرمى العرب الذين لعبوا في الإمارات واذكر منهم عادل من سوريا وكان يلعب للنصر ومن السودان رشيد عيسى حارس مرمى عملاق بدأ في العروبة وانتقل إلى نادي النصر وحسن جعفر من مصر ومازال موجودا يعيش في أرض الإمارات وهو الذي فاز مع فريق العروبة بأول بطولة دوري سنة 1973م، ايضا منهم السوداني عباس ريكس الذي كان يلعب في النادي الأهلي والسوري شاهر سيف من الحراس الذين لا يمكن أن ننساهم.
واستكمالا للموضوع عن دور حراس المرمى القدامى وعن تلك الفترة نفسها فقد ظهرت أسماء عديدة برزت كحراس مرمى بالفرق الكروية بدبي من أمثال المرحوم جمعة القرد وحيدر الباكستاني ثم ظهر الحارس الشهير المرحوم مطر خلفان الشهير (بكابودور) وهو شقيق لاعب الاهلي السابق سالم خلفان وخال النجمين الكبيرين سهيل سالم وشقيقه د. حمدون ولعب لفريق الوحدة قبل اندماجه مع الشباب ليصبح الأهلي الحالي قبل أن يلعب في نادي الخالدية بأبوظبي.
وفي تلك الفترة ظهرت موهبة فذة في حراسة المرمى لا يمكن للمرء والتاريخ أن ينساها بسهولة وهو المرحوم عيسى السيد شقيق العقيد م علي السيد وكان المرحوم عيسى علامة بارزة بين حراس مرمى زمان، فالحديث عنه لا ينقطع الى اليوم حيث يتذكره رفقاء دربه على مستواه رائع.
أسماء لا تنسى
ونظرا لأن مهد الكرة كان منبعها إمارتي دبي والشارقة فقد زادت أسماء الحراس خلال هذه المرحلة المهمة لمسيرة الكرة في بلادنا وكان حارس مرمى نادي الخليج بالشارقة المرحوم سالم مطر واحدا من الاسماء التي لا تنسى وفي الفترة نفسها بدأت أسماء جديدة تفرض نفسها أمثال: العميد ركن طيار إبراهيم رضا ورجل الاعمال المعروف يوسف حاجي ناصر والذي قرر أن يهجر المرمى من أجل اللعب في خط الهجوم مع فريقه النجاح بدبي، وكان العبد لله ضمن فريق الاشبال في تلك الفترة، حيث دربنا المدرب المصري محمد المنزلاوي ..
هذا الجيل من الحراس من الصعب أن ننساهم فقد حل مكان الجيل السابق ثم تبعهما حراس آخرون ظهروا مع قيام الدولة الاتحادية حيث شهدت تلك المرحلة تنظيم المسابقات والقوانين والتعديلات التي جاءت بعد قيام الدولة لتنتشر الرياضة في وطننا بعد فترة مهمة قضاها رجالنا الاوفياء المخلصون والذين كان يجمعهم الحب والولاء على عكس ما يحدث الآن من بعض اللاعبين الذين أتيحت لهم الفرص والظروف وقدمت لهم على طبق من ذهب على عكس زمان.
أجمل الذكريات
كانت ذكريات الحراس واحدة من اجمل الذكريات التي لا تنسى فالحارس قبل 40 سنة كان نجما يضاهي النجوم الذين يهزون الشباك، إنها ذكريات جميلة ورائعة وفي أيامنا حاليا أصبح عدد من الحراس القدامى يتمتعون بمناصب رياضية مهمة أمثال يحيى عبد الكريم (الشارقة) عضو مجلس الشارقة الرياضي، وعبد القادر حسن الشباب مسؤول العلاقات العامة باتحاد الكرة وعيسى صالح (عجمان) مدير اتحاد الكرة الحالي، حيث يتمتع بعضوية اللجنة القانونية بالاتحاد الآسيوي وعضو لجنة المنازعات بالفيفا.
رغم ذلك كان الحراس قديما يشتكون من الإهمال الإعلامي لكن في الفترة الأخيرة اشتهر عدد منهم وكان من بينهم على سبيل المثال عادل الطرابلسي حارس مرمى الكويت العملاق ومازال الناس تتذكره وهناك حمود سلطان في البحرين، ومحمد الدعيع عميد اللاعبين من السعودية، ورعد حمودي من العراق وغيرهم، وهذه الأسماء حققت نجاحا اعلامياً واشتهروا أكثر من أي مهاجم في تلك الدول.