لم أذهب بعد لمشاهدة فيلم (الست) من بطولة منى زكي، وسيناريو أحمد مراد، وإخراج مروان حامد، لكنني قرأت الكثير من الهجوم عليه. والفيلم رغم ما يقال بأنه قد توافرت له عناصر نجاح كثيرة تتمثل في الفريق الفني (الممثلين والإخراج تحديداً).
إلا أن معظم الذين تحدثوا عنه قالوا بفشله أو عدم صوابيته في تناول شخصية السيدة أم كلثوم، سواء كان هؤلاء من الجمهور، أو النقاد والصحفيين، أو الباحثين، وسواء اعتمدوا في تقييماتهم على مشاهدة (التريلر) العرض التشويقي للفيلم، أو الذين شاهدوه بعد عرضه في دور العرض السينمائية.
الواضح أن هناك قرار إجماع على إسقاط الفيلم لعدم استحقاقه أن يكون فيلماً عن السيدة أم كلثوم، أو ليضاف للأعمال السابقة التي رصدت حياتها أو تناولتها كظاهرة فنية أسطورية مصرية أولاً، وعربية ثانياً، وعالمية بلا شك!
فكيف تناول الفيلم الأكثر جدلاً في تاريخ السينما المصرية، الأكثر إثارة لغضب المصريين، شخصية الست؟
حسب ما قرأت فإن الفيلم ليس سرداً لحياة أم كلثوم بالطريقة التقليدية لسرد السيرة، لكن صنّاعه حاولوا لمس عدد كبير من الأفكار حول أم كلثوم باعتبارها المرأة القوية السابقة لعصرها، والفنانة الصلبة، والإنسانة الضعيفة أمام المرض والخوف من فقدان الجمال، والمرأة التي ترغب في الحب، لكنها ترفض في الوقت ذاته ما يهدد مكانتها. فقدم أم كلثوم المرأة الغاضبة التي تصرخ فيمن حولها، المرأة البخيلة الحريصة على أموالها خشية العودة لأيام الفقر، المرأة التي تعرض هي الزواج على الرجال... إلخ!
والحقيقة فإن أياً من عشاق أم كلثوم لو خُيل إليه للحظة أنها ملاك مبرأ من الأخطاء والعيوب، فإنه سيكون ساذجاً بلا شك، لكن أن يكون في أم كلثوم عيوب وأخطاء أياً يكن مقدارها، وأن تعرض بالطريقة الفجة التي عرضها الفيلم، فهنا ينكشف سر الهجوم عليه ورفضه والتنمر على صناعه، وتحديداً على بطلته الممثلة منى زكي، خاصة ونحن جميعاً نعلم من هي (الست) في عقول وقلوب وتاريخ المصريين وإرثهم الفني.
الحقيقة أن كثيراً من هذه الأفكار والمثالب موجودة في شخصية كوكب الشرق، وفي شخصيات كثير من العظماء، إلا أن التناول السطحي والصادم هو ما تسبب في سقوط الفيلم.