فيلم قصير لا تزيد مدته على خمس دقائق ربما، يلخص الانشغال المفضل لدى البشرية منذ بداية الخلق، والذي بدأ بكلمة وخلاف وحسد لأجل أمر تافه ربما، لكنه تطور إلى صراع وقتل بين شقيقين، وأسرتين ومدينتين، ثم تطور ليصبح صراعاً بين أفكار وديانات وأيديولوجيات ودول وإمبراطوريات.
وها نحن اليوم لا نرى سوى الحروب تسود كل العلاقات باعتبارها الطريق الوحيد لإحلال السلام.
يظهر الفيلم المصور على شكل رسوم متحركة، أن الصراعات والخلافات والحروب هي العمل الذي تفني فيه البشرية وقتها وأموالها حتى يفنيها في نهاية المطاف! لكن لماذا؟ لماذا يتفانى البشر في الانحياز للصراع وإشعال الحروب، بينما يقضون كل الوقت في محاولة لتهدئة الحرب والتوصل لوضع نهاية حاسمة لها، هذه النهاية التي غالباً ما تفشل كل الأطراف في الالتزام بها بشكل حقيقي؟
هذا يدل على أن الإنسان يجد في حالة الحرب مصلحة قصوى وفائدة كبيرة متحققة أكثر مما يجدها في أوقات السلم! ليس هناك سوى هذا الاستنتاج، فلولا وجود فائدة قصوى ومؤكدة ما استمرت هذه الحروب لسنوات دون توقف، ولما تم تصنيع الكثير من الأسلحة والعتاد لإبقاء الحرب مشتعلة، هذا الاشتعال المدمر.
هؤلاء الأطفال المشردون، النساء الباكيات والآباء المنكسرون، هذه البيوت والشوارع والمساجد والكنائس و... المهدمة والخربة .. تبكينا نحن الذين بلا حول ولا قوة، تحفر في صدورنا الحزن والدمع والأسى، أما أولئك البراجماتيون المتربحون المستفيدون، فإنهم يدعون ليل نهار أن تبقى الحرب مفتوحة على كل الجبهات، كي تظل المصانع دائرة والأموال تتدفق إلى جيوب تجار الحروب والسلاح والمجازر!
إن الخسائر والتدمير والقتلى والعداوات وضياع سنوات من البناء والعمران والاستقرار، هذه مجرد نتائج وعبارات مؤثرة تأتي في تقارير منظمات حقوق الإنسان ومنظمات السلام ومناهضة الحروب فقط، كلمات تتلفظ بها مذيعات نشرة الأخبار وهن في كامل أناقتهن وزينتهن وابتسامات هوليوود التي تضيء وجوههن المحشوة بالبوتكس! ففي نهاية المساء تذهب المذيعات لشققهن الأنيقة ونذهب نحن «الأعزاء المشاهدين» بصحبة الأسى إلى أسرتنا لنقضي الليل بلا نوم، نستكمل معلومات الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي!
ليبقى الصراع وتظل الحرب هواية ولعبة الإنسان المفضلة التي سيظل يحرسها ويتفانى لأجلها حتى تفنيه، فإذا ظهر جيل آخر سيواصل اللعبة ذاتها.. متناسياً أنه خلق ليعمر الأرض ويبني الحضارة.. لكن أية حضارة؟