خبر النائبة التي دخلت قاعة البرلمان الأسترالي بالنقاب احتجاجاً على رفض البرلمان حظر ارتداء الزي الإسلامي، أثار الكثير من ردات الفعل وعبر عن علاقة متوترة على الدوام بين الغرب والإسلام.
تؤكد أن هذه العلاقة ليست خلافاً عابراً، بسبب سوء فهم بسيط، بل علاقة متداخلة، محكومة بتاريخ ثقيل، وسياسات متشابكة، ومصالح تتقاطع فيها الحكومات والأحزاب والإعلام والجماعات المتطرفة، إلى جانب ملايين المسلمين الذين يعيشون داخل تلك المجتمعات.
والمشكلة ليست في الإسلام ذاته، بل في النسخة المعروضة منه بشكل مشوَّه، ساذج وعنيف، نسخة يجري تضخيمها في الإعلام والسينما والأدب، حتى تبدو وكأنها الحقيقة الوحيدة. وفي المقابل، يُهمَّش الإسلام العقلاني والمتسامح، لأنه ببساطة ليس مادة صالحة للإثارة.
تزداد الصورة تعقيداً لأن جزءاً مهماً من ديموغرافيا الغرب اليوم مسلمون، منهم مهاجرون جدد، ومنهم جماعات قديمة الجذور كما في دول شرق أوروبا التي كانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية وكذلك في إسبانيا وإيطاليا لأسباب تعود للتاريخ والجغرافيا.
مع ذلك، تبدو هذه الجاليات في قلب سجالات سياسية لا تنتهي: الأحزاب تحتاج أصواتها، والدول تعلن التزامها بحقوق الإنسان ككلفة لا بد للأنظمة الحديثة من دفعها للمجتمع الدولي بقبول هؤلاء اللاجئين للغرب هرباً من ديكتاتوريات مستبدة يرفضها الغرب ظاهرياً، لكنه في الوقت نفسه متورط في تحالفات داعمة لهذه الأنظمة التي دفعت الناس إلى الهجرة أصلاً.
وسط هذه الفوضى، تسللت تيارات متطرفة، وتجار دين، وأصحاب أجندات دولية، وجماعات مجندة من قبل أجهزة استخبارات كبرى، فتحول ملف المسلمين إلى ميدان صراع لا يتحكم فيه أحد بالكامل، لكن الكل يستثمر فيه: اليمين الشعبوي، اليسار الليبرالي، المؤسسات الأمنية، ومافيات السلاح. وكل طرف يجد في الإسلام «قضية جاهزة» يوظفها حسب مصلحته.
لهذا يدفع المسلمون في الغرب ثمناً مضاعفاً، ثمن الصورة المشوهة، وثمن الصراعات التي لا علاقة لهم بها، وثمن الدفاع المستمر عن حقهم الطبيعي في الوجود. والسؤال ما المخرج من هذا النفق؟
إن ما يجري في الغرب ليس صراعاً بين الإسلام والغرب، بل صراع بين الصور التي يصنعها السياسيون والإعلام والبروباغندا، وبين الواقع الأكثر تعقيداً وإنسانية الذي لا يجد طريقه بسهولة إلى الشاشات وجمهور التلقي المنشغل بثقافة البوست والريل وإعلام العشر ثوانٍ!