الكتيبات التي ذاعت وشاعت في زمن مضى عندما كان الناس مغرمين بتعلم اللغات بل ويتقاتلون لأجل اكتشاف أسهل وأسرع طريقة لتعلمها، كتب وكتيبات ظهرت في معظم مكتبات الوطن العربي: «كيف تتعلم الإنجليزية في عشرة أيام؟» .

و«كيف تتحدث الفرنسية بطلاقة دون معلم؟» و«كيف تجيد الروسية في أسبوع؟» و«الإنجليزية بين يديك ببساطة»، وأظن أن أحدهم قد كتب يوماً تعليقاً على هذه النوعية من الكتب بأنها كانت نوعاً من التجارة الرابحة التي أغنت الناشرين ولم تفد الناس، لأن تعلم لغة جديدة أمر يحتاج إلى مهارات وطرق ووقت، لذلك لا يمكن أن يتحقق في عشرة أيام!

لقد كانت تلك موجة ككل الموجات التي تتوالى علينا، كما أنها طريقة استرزاق استفادت من نهم الناس واحتياجهم الشديد في تلك السنوات لتعلم لغة ما بأقل تكلفة وأسرع وقت!

ومثل «كيف تتعلم لغة جديدة في أسبوع» هناك أيضاً «كيف تستعدي الجماهير على كاتب مرموق أو مفكر عظيم» كيف تجعله هدفاً للطعن والتقول والشتائم، لا لشيء إلا لأنه ناجح ومتحقق، وله جماهيريته وشعبيته التي أسسها بمثابرته ودأبه وفكره واحترامه لنفسه وعبر عقود من الزمن، هذا الكاتب أو الروائي لا بد أن تأتي تلك اللحظة التي يلتفت إلى نتاجه المتراكم والرصين، وأن يقدر ويكرم ويمنح وساماً أو جائزة، لها شأنها ومكانتها، ذلك حقه.

وذلك أمر لا يضيره ولا يقلل من مكانته! لكن أشخاصاً ومجموعات في داخل مجتمعاتنا المبتلاة بالغيرة والحقد وإثارة الفتن يعملون بجدية واضحة من أجل شيوع ظاهرة الاستعداء عبر وسائل الإعلام الحديث ومواقع التواصل الاجتماعي، بكتابات مستفزة تبدو في ظاهرة بريئة، لكنها تدس السم في العسل، كأن يتساءل أحدهم بخبث ظاهر: لماذا يحصل فلان على معظم الجوائز؟

وحينما يسأل عن تلك الجوائز يلفق ويكذب ويسمي جوائز لم يحصل عليها ذلك الكاتب، معتمداً على ذاكرة الجماهير الضعيفة، وعدم وجود من يبحث خلفه ليتأكد من ادعاءاته!

كيف تستعدي الجماهير وتثير شهوتهم لقتل الكاتب نفسياً ومعنوياً، تلك ظاهرة ليست جديدة في العالم، فقد استعدى أعداء العالمة الفيلسوفة الإسكندرية هيباتيا والغيورون من نجاحها الناس عليها حتى هاجموها ومزقوها إرباً في طريقها للمنزل قبل آلاف السنين!