أستطيع أن أتفهم إعجاب الأطفال بدمية، كما يعرف معظمنا لماذا يجري هؤلاء إلى كل محلات بيع الألعاب والمواقع الإلكترونية للحصول عليها، لكن جري رجال ونساء خلف دمية تدعى «لابوبو» أمر لم أستطع فهمه رغم كل المحاولات، فحتى مقولة أنها تجلب السعادة بدت لي شديدة السخف.

لماذا نتفهم علاقة الأطفال بالدمى؟ إنها علاقة طبيعية من منطلق فهمنا لعقلية ونفسية الصغار الذين تشكل شخصيات القصص عوالمهم ونسيج خيالهم، فيقضون الوقت معها، حتى إن كثيرين منهم ينامون وهم يحتضنونها، ثم إن قصص الدمى المعتمدة على الأساطير تغري الصغار، وتدفعهم لتجربة قدراتهم التواصلية وعواطفهم تجاه ما يحيط بهم، لكن الاستغلال التجاري للدمى تسبب في الكثير من الآثار السيئة!

أما أن تتحول دمية ترمز لوحش قبيح فأمر رسم علامة استفهام على وجوه ملايين البشر المناهضين لهوس «لابوبو»! وبرغم قبحها فإن الأطفال اندفعوا لها تحت تأثير الدعاية الضخمة التي لقيتها، وتبعهم الكبار من الرجال والنساء حول العالم، ودخلت بيوت الأزياء العالمية على خط التسويق والكثير من نجوم الفن والسوشال ميديا!

قد لا يعجبنا هذا الاندفاع، وهذا الانتعاش، لكن للسوق منطقاً مفهوماً حتى وإن لم يكن مقبولاً لنا، أما ظاهرة الفتيات اللواتي يمشين في المراكز التجارية متباهيات بعدد من دمية «لابوبو» يعلقنها في حقائبهن الفاخرة فأمر خارج على المنطق والقبول فعلاً.

لا تبرير عندي إلا أن هؤلاء قد استهلكوا حتى الثمالة كل أدوات وتقنيات وقوالب الترف التي تحيط بهم، فذهبوا لاستعادة شغفهم إلى عالم الدمى علَّ سعادة أو براءة تلوح في عيون الأطفال تنتقل لهم وإن كانت متصنعة، فتصالحهم مع الحياة المملة الفارغة قد يكون هذا تبريراً، وربما على حد تعبير المثل «حشرٍ مع الناس عيد»، و«إذا كنت في روما فافعل كما يفعل أهلها» حتى لا تبدو غريباً أو شاذاً!

هناك من يفسر الأمر على محمل التفاهة والسخافة، وفرط الانغماس في حياة الاستهلاك، ولا أنفي ذلك، لكن هناك أيضاً إلغاء للعقل وحكمة العمر، فكيف تقف سيدة تقول أنا لديّ 25 «لابوبو» في منتدى إعلامي محترم وأمام الجميع؟ ما الرسالة التي يريد أمثال هؤلاء إيصالها يا ترى؟