إليكم هذه الحكاية:
في تاريخ السادس والعشرين من شهر أكتوبر الفائت، أي منذ قرابة 12 يوماً، أعلن الروائي المصري أشرف العشماوي عن صدور روايته (السيمفونية الأخيرة) عن الدار المصرية اللبنانية، والكاتب العزيز من أكثر الكتاب مقروئية في مصر، وربما في دول عربية أخرى.
لكنه عاد بعد عشرة أيام بالضبط ليعلن من خلال صفحته على «فيسبوك» عن مفاجأة لم يُتوقع حدوثها بهذه السرعة!
فكتب على صفحته «في طريقي اليوم، وبمحض الصدفة، عثرتُ على أحد الأرصفة في وسط البلد على روايتي الأحدث (السيمفونية الأخيرة) تُباع بنسخة مزوّرة.
سألت البائع عن ثمنها، فوجدتها تُباع بنصف السعر، فقلت في نفسي: حقاً، هذا سعر مناسب لدخل القارئ في ظلّ الظروف التي نعيشها.. توكّلتُ على الله واشتريت نسخة!».
ثم ماذا حدث؟ يقول: «سألت البائع بقلق الابن على أبيه: ألا تخشى من مباحث المصنّفات يا حاج؟ فغمز بعينه اليسرى، ورفع حاجبه الأيمن قائلاً بصوت خافت: عندي نسخة أصلية لزوم التفتيش».
فتنهّدتُ بارتياح، وحمدت الله أن الأمر تحت السيطرة!
في مثل هذه الحالات لا مفر من السخرية، والسخرية السوداء تحديداً، تلك التي يلجأ إليها الفرد حين يعجز تماماً عن مقاومة أو تغيير الخطأ مهما فعل، بل إن عليه أن يرى هذا الخطأ أمامه ويتعامل معه وكأنه وضع طبيعي بمعنى أن يقبل به، لكن الكاتب احتفظ بحقه في المقاومة بالسخرية «وهو شكل من أشكال المقاومة بالحيلة»، لكنه قبل أن يغادر المكان محملاً بالحسرة، سأل البائع «لكن الرواية صدرت قبل أسبوع فقط، فكيف وصلت إليك بهذه السرعة؟ لم يشعر البائع بتأنيب الضمير، بل بالاستياء من هذا السؤال الذي يشكك في قوة وتطور ميكانيزمات التزوير، فأجاب بثقة: زوّرنا النسخة في نفس النهار يا باشا، نحن لا نستطيع أن ننتظر طويلاً على رواياتك! ثم أشار له إلى ركن تصطف فيه كل روايات الباشا وبسعر مخفض وموحد كعروض رمضان، ظاناً أنه يجامله أو يرفع معنوياته!».
الختام: هذه الحكاية تصف باختصار مدى قوة وتمدد سوق تزوير الكتب، ومدى الضرر الذي تحدثه على صناعة النشر والتأليف والترجمة دون أن يكون هناك في دول عدة قوانين حماية رادعة تحفظ الحقوق.