لا يزال كثير من الناس في عالمنا العربي، يعتبرون كتابة الروايات وقراءتها مضيعة للوقت، لأنهم ينظرون لها من زاوية المصلحة والفائدة المادية المباشرة، فماذا يستفيد الإنسان عندما يقرأ الروايات أو القصص؟ لا شيء كما يقولون، في الوقت الذي ينتظر عدد كبير من هؤلاء أن ينال عربي جائزة نوبل، كلما اقترب موعد الإعلان عن أسماء الفائزين بها، أملاً في أن يُعلن اسم عربي فيضيء سماوات العرب آتياً من فضاء السويد، حيث تعلن لجنة نوبل الأسماء!
فلماذا نتطلع إلى أن نحمل أرفع جائزة أدبية في العالم، ونتسابق لترشيح الأسماء نفسها كل عام، بينما نصر على أن الرواية والأدب كلام فارغ ومضيعة للوقت؟ لقد وصل الأمر ببعض الناشرين العرب إلى أنهم صاروا يرفضون نشر الشعر بحجة أن لا أحد يقرأه، وأنه نشر خاسر! ثم نطمع بعد ذلك أن ننال نوبل، أرفع وسام في الرواية والشعر، فنرشح الاسم نفسه كل عام دون نتيجة!
إن الشعوب التي تعرف قيمة الأدب والرواية والقراءة، وخطورة الكلمة بشكل عام، هي التي تفوز بهذه الجوائز، أما فاقد الشيء فإنه لا يعطيه أهمية، ولا ينال منه مكانة، ودعونا نتذكر حكاية الروائي الروسي الذي نال نوبل بسبب رواية واحدة فقط، فاتهمت لجنة الجائزة يومها بأنها قد سيّستها وسخّرتها لأهداف سياسية؛ بهدف مهاجمة الشيوعية وحكم ستالين القمعي.
تقول الحكاية: عندما كتب الشاعر الروسي بوريس باسترناك روايته الشهيرة «دكتور جيفاغو» (تحولت لاحقاً لفيلم أمريكي قام ببطولته عمر الشريف)، أغلق كل الناشرين في الاتحاد السوفييتي مكاتبهم في وجه الكاتب رافضين نشرها، فقام بتهريب الرواية لإيطاليا، وهناك نشرت. كان ذلك في العام 1957، فاشتهرت وتألقت خارج بلادها، واختارتها لجنة نوبل لتمنحها جائزتها عام 1958، وحين دعي لتسلم الجائزة، منع من السفر، وأرغم على الاعتذار عن الجائزة!
لم تنشر رواية باسترناك في الاتحاد السوفييتي إلا بعد وفاته بـ30 عاماً، مثلما حدث مع رواية نجيب محفوظ «أولاد حارتنا» التي صدرت عام 1959، ونشرت في مصر أواخر عام 2006! فكيف تكون الرواية كلاماً فارغاً حين تقف أنظمة لمحاربتها!