يضيف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كتاباً جديداً لمجموعة الكتب الملهمة التي كتبها حول تجربته في الحياة والإدارة والحكم والعمل العام، يتلخص مضمون هذا الكتاب بدءاً بعنوانه (علمتني الحياة)، باعتبار العنوان العتبة الدلالية الأولى، فالكتاب هو تركيز حول التجربة الإنسانية وفهم الذات والبشر والحياة التي حددت مسيرة سموه، كما ذكر في الكتاب.

يقول سموه في تصديره للكتاب (حاولت التركيز على الأفكار والمفاهيم والمبادئ وليس على المشروعات والمنجزات، لأن الأفكار أدوم والمفاهيم أشمل والمبادئ أعظم)، ولأن ما سبق من كتب سموه قد تحدثت بشكل وافٍ عن هذه المشاريع الكبرى التي صنعت أسطورة دبي.

في أول الكتاب يتحدث سموه عن مبدأ هام جداً لطالما ركز عليه وأولاه اهتماماً كبيراً، وهو العلاقة بين القائد وقدرته المرنة والحرة على اتخاذ القرار السريع، ليس من باب الشجاعة والجرأة فقط، ولكن من منطلق أن القائد الحقيقي ليس الذي يملك خريطة طريق قبل أن يتحرك، ولكنه القائد الذي يمتلك بوصلة لهذا الطريق معززة بالثقة والحدس السليم.

يأتي حديثه عن البوصلة في إطار تحديده لموضوع الرؤية التي يجب أن يملكها القائد، وهو في هذا التأطير يجيب على سؤال حول اتخاذ سموه قرار تأسيس مدينة دبي للإنترنت في زمن قياسي أولاً وفي فترة كان فيها اتخاذ قرار بتأسيس مثل هذا المشروع الضخم أمراً غير مألوف في الثقافة والتفكير الحكومي العام. مع ذلك فقد استغرق الأمر كما ذكر ثلاثة أيام فقط بين الفكرة الوليدة المكتوبة على ورقة واحدة وبين أمره ببداية التنفيذ!

وطالما أن الرؤية واضحة والحدس متأسس بشكل سليم والبوصلة واضحة، فلماذا التأخير؟ إن الحركة تصنع الإنجاز، والذين يقفون لا ينجزون لكنهم يصبحون في آخر القافلة بعد أن يتخطاهم الجميع، لذلك فالمبدأ الذي دفع دبي للأمام دوماً أن رؤية بانيها قائمة على (أن الحركة تصنع الإنجاز).