في حياة معظمنا ذلك اليوم الواحد أو تلك اللحظة المربكة التي تجعلنا نقف حيارى، مترددين، فاقدي القدرة على اتخاذ القرار الصحيح، تتنازعنا الكثير من الأفكار والتصورات التي تحدد لنا أن نتبع قراراً محدداً لا يتماشى مع مشاعرنا أبداً، لكننا نقول لأنفسنا هذا هو الأفضل، هذا هو القرار الأسلم، وبالفعل نقرر ونمضي قدماً في قرارنا، لكننا لا نستغرق طويلاً حتى نكتشف غباء ذلك القرار، عندها وبمجرد أن نفكر في التراجع يكون كل شيء قد انقلب رأساً على عقب، أو بمعنى أدق: يكون الوقت قد فات!

يفوت الوقت أم أننا نحن من فوتناه أو أضعنا فرصته من أيدينا؟ الكثير منا لا يحبون التوغل في دهاليز هذه الفكرة، لأنهم سيجدون أنفسهم في مواجهة فكرة ليس أقل خطورة، وهي فكرة الإيمان بالقدر، وهي فكرة لا يحب أحد الصدام معها!

إما أن نستمر في المحاولة وانتظار أية فرصة سانحة تسمح بتعديل مسار الرحلة وإعادتها لنقطة البداية (وهو أمر صعب) وإما القبول بما حدث ووضع نقطة في آخر السطر، حتى لو كان ذلك رغماً عن قلوبنا! لأن مصارعة الأيام والزمن ليس لها نهاية حميدة أو مثمرة غالباً، إنها تنتهي بضياع العمر في انتظار لا شيء، ما يذكر بمسرحية في انتظار غودو لصموئيل بيكت!

لقد بقي بطلا فيلم (يوم واحد) ينتظران (غودو) الذي لم ولن يأتي أبداً، لأنهما التقيا ببعضهما في الوقت الضائع أولاً، ثم اتخذا قراراً خاطئاً في كل مرة أتيحت لهما فيها الفرصة لاتخاذ قرار صحيح، فضيعا أكثر من فرصة وأضاعا عمرهما مع الأشخاص الخطأ، حتى انتهيا نهاية فاجعة فعلاً!

لا يضيع العمر فقط حين تضيع ما تحب ومن تحب لأنك كنت جباناً في الوقت الذي كان عليك أن تكون شجاعاً، لكنك تضيع شغفك ونفسك، فتبدو بعد سنوات وكأنك لست نفس ذلك الشيء، تصير باهتاً جداً وخالياً من المعنى والحلم والألق، فينظر إليك من يحبك ليرى شخصاً آخر، وهذا ما جعل بطلة الفيلم تقول للشخص الذي انتظرته طويلاً حتى لم يبقَ منه شيء: (إني أحبك كثيراً، لكنك لم تعد تروق لي)!