هناك الكثير من الظواهر التي تستدعي التوقف والتساؤل والعجب، خاصة تلك التي تبرز على هيئة أشخاص وأسماء نفخت فيهم السوشال ميديا حتى تحولوا إلى علامات ثابتة على المواقع والصفحات، لا يقدمون شيئاً ذا قيمة من وجهة نظر الذين يفهمون معنى القيمة، لا يفيدون بقدر ما يضرون، ومع ذلك يصرون على أن يسموا أنفسهم: نقاد، محللين، كتاب، فنانين.. إلخ.

وتتعجب أكثر حين تجد البرامج الجماهيرية في العديد من القنوات تسعى لاستضافتهم وإجراء لقاءات مطولة معهم وحوارات لا يخرج المشاهد منها بأية فائدة، لكنها بعد قليل تتحول وبفعل فاعل (بل فاعلين كثر) إلى ما يسمى (ترند)، وهي عبارة عن مقاطع من اللقاء تجتزأ، ويتم تداولها على امتداد اليوم واليوم الذي يليه والذي يليه، مثيرة الكثير من الاهتمام والتساؤلات، والحقيقة ليس هناك من شيء مهم على الإطلاق، فلماذا كل هذا، تظل على دهشتك واستغرابك ولن تجد من يجيب عن أسئلتك سوى نفسك، وذلك الذي يظن أنه يهدئ من دهشتك حين يقول لك: هؤلاء هم متطلبات المرحلة! أية مرحلة وأية متطلبات؟ ليس مهماً أن تعلم، المهم أن تسلم بالأمر!

النقاد الذين يخلطون الحابل بالنابل، فلا هم كتاب ولا نقاد ولا علاقة لهم بالكلمة أبداً، مجرد أشخاص فارغين بلا معرفة ولا ثقافة ولا حتى (أدب) يجعلهم يفكرون قليلاً قبل أن يتورطوا في الدخول في مهاترات وشتائم وسباب على اعتباره نقداً، والنقد منه بريء. فالنقد، ببساطة، هو فعل قراءة وتحليل وتقييم، لكنه ليس مجرّد رأي عابر، بل عملية واعية ومنهجية تهدف إلى الفهم إن في تفكيك الآراء المطروحة أو تفكيك النصوص أو الأعمال الفنية لفهم مكوّناتها وعلاقاتها الداخلية كاللغة والأساليب المتبعة والأفكار وغير ذلك!

الذي يشتم ويسب ويسخر ويتنمر يقول بصريح العبارة أنا فارغ وفاشل وليس عندي أية حجة سوى هذا، وهنا فمن الغريب أن يستضاف ويحاور ويعلى شأنه، فقط ليروّج للبرنامج ويتحول إلى ترند على حساب ذائقة وذوق الجماهير!