أظن أن رائحة الخبز التي كانت تعبق في المنازل قديماً كانت سبباً رئيساً لتلك الحميمية وذلك الدفء الذي يملؤها، فكما يصنفها خبراء الطعام تعتبر رائحة الخبز من أكثر الروائح التي تسبب السعادة للإنسان، وذلك ليس فقط بسبب تبريرات عاطفية وأفكار رومانسية، ولكن لأنه ثبت علمياً وتشريحياً أن رائحة الخبز تُحفّز مناطق العاطفة والذاكرة في الدماغ، وترتبط بمشاعر الدفء والراحة والذكريات السعيدة.
لذلك لا غرابة إذا اعتبرت هذه الرائحة واحدة من أجمل الروائح في التاريخ الإنساني.
أما كيميائياً فإن رائحة الخبز تنتج عن خليط معقد من المركبات الكيميائية التي تتكون أثناء عملية التخمير والخبز، حيث تتفاعل السكريات والأحماض الأمينية في الخميرة خلال تفاعلات مختلفة لإنتاج جزيئات عطرية تمنح الخبز رائحته المميزة والشهية والتي تجعلك تتبع أثرها العطري الذي يأتي غالباً من المخابز المتخصصة ومحلات بيع المعجنات والكيك، وحيثما كنت فإنه بإمكانك أن تتجاهل الكثير من مغريات الشراء وتشيح بوجهك عن العديد من المحلات، إلا أن رائحتين لا يمكنك مقاومتهما: رائحة الخبز ورائحة القهوة !
صناعة الخبز من أقدم الصناعات التي عرفها الإنسان في تاريخه بعدما عرف الزراعة والاستقرار، فزرع الحبوب وعرف كيف ينتقي أجودها ليصنع منها طعامه، وهذا الأمر استغرق منه زمناً طويلاً، لكن الأكيد أن صناعة الخبز ارتبطت بحضارات الأنهار (في الصين والهند ومصر القديمة وبلاد الرافدين) وقد بدأت صناعة الخبز في العصور الحجرية في الشرق الأوسط، وحين تعلم المصريون صناعة الخميرة حوالي 2600 قبل الميلاد، نقلها الإغريق عنهم لاحقاً إلى الرومان الذين نشروها في أوروبا بحلول القرن الثاني الميلادي.
عالمياً، فإن أكثر الدول صناعة للخبز واستهلاكاً له هي أكثرها إنتاجاً للقمح، حيث تتربع الصين والهند وروسيا على قمة الدول المنتجة له، بينما تصدر روسيا والولايات المتحدة وكندا وفرنسا وأوكرانيا الجزء الأكبر من إنتاج القمح العالمي، وفي دولة كألمانيا وفرنسا يمكنك العثور على محلات بيع الخبز في كل مكان لأن الناس تستهلكه بشكل كبير.
أما في دولنا العربية فلا زالت عملية الخبز مستمرة حتى اليوم في الكثير من البيوت وخاصة في القرى والأرياف حيث يعد طعام الإنسان الأساسي !