منذ 15 عاماً كنت أشاهد حواراً مع أحد السياسيين اللبنانيين على إحدى القنوات التلفزيونية اللبنانية، لفت نظري بساطة المكان مع جماله وذوقه الرفيع، كانت المساحات كبيرة يغلب عليها اللون الأبيض، بينما كانت الأرائك ببياض الثلج، لم تكن المساحات مزدحمة بالقطع الزائدة أو التفاصيل الجمالية التي عادة ما تملأ منازل الأثرياء، كان البيت عنواناً ساطعاً على نهج صار شائعاً يطلق عليه «المينيماليزم».

والحقيقة أن العالم يتجه يوماً بعد يوم نحو البساطة، أو لنقل أصبح الجميع يبحث عن هذه البساطة بجدية حقيقية، وبجهد واعٍ، لأن العالم مل التعقيد والمبالغات في كل شيء، في أسلوب العيش، في العلاقات الإنسانية، في أنواع الأطعمة وموضات الثياب، وأشكال العمارة وتخطيط المساكن والأثاث.. وفي كل شيء، هذا التعقيد الذي أبعد الإنسان عن إنسانيته وبساطته وسويته، وأدخله في نمط حياة استهلاكي فارغ من المعنى، ومتعب نفسياً!

«المينيماليزم» حركة عالمية تهدف لتحقيق البساطة في نواحٍ مختلفة من الحياة كالفن والتصميم والفنون البصرية والموسيقى والعمارة والأثاث.. وهو عبارة عن أن أي تصميم أو أسلوب أو نمط يمكن تحقيقه بأقل قدر من العناصر، لكن في الوقت نفسه بأكبر قدر من التأثير الإيجابي في حياة الإنسان، عبر تحرير المساحات والأدوات التي نستخدمها من التفاصيل الزائدة والمربكة!

«المينيماليزم» كحركة فنية بدأت بالازدهار تقريباً في الستينات في نيويورك تحديداً بعد الحرب العالمية الثانية، واعتمدت على تقديم الأعمال بأقل عدد من الألوان والعناصر، وحذف الكثير من التفاصيل.

أما مصطلح «المينيماليزم» فقد استعمله الغرب في التصميم والهندسة المعمارية متأثرين بالتوجهات اليابانية، لأن اليابانيين من أكثر الشعوب ميلاً للبساطة، وإيماناً بفلسفة طاقة الأشياء وتأثيراتها!

بالنسبة للهندسة المعمارية فإن التوجه للبساطة يعني التخفيف من التفاصيل الزائدة، والمبالغات في الديكورات وأدوات تزيين المباني والكنائس والقصور كما كان سائداً في الماضي.

لقد شاع نمط البساطة في الهندسة المعمارية أواخر 1980 في لندن ونيويورك، وكان المهندسون المعماريون ومصممو الموضة يعملون بسعي حثيث لتحقيق هذا المعنى، باللجوء لعناصر في اللون والإضاءة والمفروشات تعتمد على المساحات البيضاء والواسعة والإضاءات الباردة، مع أقل عدد من الأشياء وقطع الأثاث.