لم يعد شيء مما يدور في العالم، أو يحصل للبشر، في أمور حياتهم، لهوهم، أسفارهم، جدهم وهزلهم، إلا ويذاع وينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الأمر وكأن البشرية قد أخذت على نفسها عهداً أن لا يعود هناك سر مخفي، أو أمر شخصي، أو أسرار خاصة، وصار الكتمان استثناء، سواء تم ذلك بإرادة الإنسان ومن صنع يديه أو رغماً عنه، المهم أن الوسيط المتوحش (مواقع التواصل) حاضر دوماً ليجعل كل ما يحدث أمام الأنظار بعيداً عن مبدأ الخصوصية وحقوق الإنسان!
وهذا ما حصل تماماً نهاية الأسبوع الماضي، في حفل موسيقي صاخب في مدينة ماساتشوستس الأمريكية، لحظة كانت الفرقة الموسيقية «كولد بلاي» تطلق آخر أغنياتها عندما التقطت الكاميرات مشهداً يجمع رجلاً وامرأة في وضع حميمي وقد انفصلا سريعاً وحاولا إخفاء وجهيهما بعد أن أيقنا أنهما على الهواء، لكن تلك المحاولة للتخفي والانسحاب لم تجدِ نفعاً، فقد تم نقل ذلك المشهد وبسرعة البرق إلى كل العالم عبر مواقع التواصل، لتنفجر أشهر فضيحة خيانة زوجية!
انهار زواج الرجل، بعد أن تلقت زوجته صور الحفل عبر حسابها على «الفيسبوك» بشكل جعلها تغلقه نهائياً لتجنّب المزيد من دوي الفضيحة، ثم باشرت في اليوم التالي إجراءات الطلاق، أما الشركة فطالبت الرجل بالاستقالة باعتباره لا يمثل النموذج المرتجى من المدير القدوة، وقد جاء في بيان الشركة (ننتظر من قادتنا أن يكونوا معياراً لحسن السلوك والمسؤولية، وأندي لم يفِ بذلك)!
لقد تمت ترقية السيدة على يد مديرها عدة مرات وبطريقة مريبة وتم تصعيدها سريعاً لتصل إلى درجة غير مستحقة، دون أن يعرف أحد خلفيات ذلك، إلا أن «السوشال ميديا» منحت الجميع التفسير المنطقي على طبق من يقين أو على الهواء مباشرة.
وبالنسبة لمعايير حسن الخلق التي تمت الإشارة إليها في بيان الشركة، هل الأمر مقتصر على شيوع الخلل فقط؟ بمعنى: لو لم يعرف أحد بالذي بين الرجل والمرأة، أكانت الشركة ستقيله من منصبه؟ وسؤال آخر: كم (أندي بايرون) يتحركون في أنحاء العالم دون أن تكشفهم «السوشال ميديا»؟