بعض المصطلحات التي لا نفكر كثيراً، ولا نراجع شرطها الزمني والنفسي قبل إطلاقها على فلان وعلان، تحتاج ليس فقط إلى مراجعة وتأنٍ، ولكن إلى اقتراح عقوبات أحياناً، لما تتسبب فيه من أضرار نفسية واجتماعية وصحية أيضاً، فنحن نقول الكلمة لا نلقي لها بالاً، ظانين أنها تنفيس عن غضب أو أنها سرعان ما ستنسى، لكن الحقيقة غير ذلك تماماً، لا شيء ينسى كأنه لم يكن «على حد وصف محمود درويش»!
تقول سيدة لصديقتها على الطاولة المجاورة في المقهى، الذي أحب طعم القهوة عنده «ولكنها مطلقة، والله أعلم لماذا طلقت!»، وتحاول الصديقة إقناعها بأن تلك المطلقة ليست وباء أو مصابة بمرض عضّال، وأنها هي سيدة محترمة ومثقفة وصاحبة مبادئ، ومن أسرة جيدة، يبدو أنها كانت تحاول أن تدس تلك المرأة في عقل صديقتها، التي تبحث لشقيقها عن عروس جديدة، رغم كونه متزوجاً، قالت بصوت عالٍ لفتني «إنه رجل، الشرع حلل له أربعاً»!
أقول لنفسي أين نحن؟ في أي زمن تعيش هاتان السيدتان؟ هل هناك من لا تزال تبحث عن عروس لابنها وشقيقها بهذه العقلية؟ الرجل مغفور له ما تقدم وما تأخر من عيوب وأحوال مائلة، والمرأة متهمة على الدوام حتى وإن ثبت العكس واضحاً كما هي الشمس في وسط السماء؟
كم سبباً للطلاق يكون الرجل هو المتسبب فيه؟ كم علة في الرجل تدفع المرأة لطلب الطلاق؟ كم من رجال يذهبون للزواج بذهنية الطفل، الذي لم يستكمل تربيته ودلاله في أحضان أمه، ويريد امرأة تكمل المهمة، وتحمل كل المسؤوليات، بينما يجلس هو يقلب في هاتفه النقال مُبحلقاً في صور النساء على الفيسبوك والتيك توك؟
وكم امرأة رفضت هذا الوضع أو هذا الحال بعد سنوات من الرضوخ والقبول والعذاب تحاشياً للقب مطلقة، وما يعقبه من تنمر ونعوت ونظرات وظنون؟ لا يفترض أن نعيش في هذا الزمن المتغير والمنقلب رأساً على عقب ثم نُصر على أن نبقي عقولنا في أزمنة انقرضت؟ كما لا يصح أن نوزع التهم والشكوك مجاناً! إلى متى نبقى نراوح في هذه المنطقة البائسة ذهنياً، بينما نُصر على ملاحقة العصر في كل ما يلفظه من تفاهات واستهلاكات!