الإهداء لعمتنا النخلة المباركة في العشر الأواخر من رمضان برا بها في تصريحات خاصة لـ «الاتحاد» في عدد الأحد 08 أغسطس 2010 وبعنوان «البيئة» تدعو إلى ترشيد الاستهلاك والحد من استنزاف المخزون الجوفي» وعنوان فرعي «الإمارات تنفق 8. 11 مليار درهم سنوياً لتحلية المياه» تعرضت الدكتورة مريم الشناصي المتحدث الرسمي باسم وزارة البيئة والمياه والمدير التنفيذي للشؤون الفنية بالوزارة فيما أدلت به لمحورين عن المياه نستعرضهما لأهمية المياه واستهلاكها ولما لها من آثار استراتيجية على البيئة والتخطيط للمستقبل بالتفنيد والتعقيب لنرى ما ذكر وما به من صحة.
المحور الأول: استهلاك المياه
بلغ المجموع الكلي لاستخدام المياه في كافة القطاعات المستخدمة للموارد المائية في الدولة حوالي 5. 4 مليارات متر مكعب في العام 2008، وتعتبر الزراعة أكبر قطاع مستخدم للمياه بنسبة 34%، يليه القطاع المنزلي والصناعي بنسبة 32%، ثم قطاعات الغابات بنسبة 15%، والزراعة التجميلية بنسبة 11%.
والمحور الثاني: الواقع الزراعي وكفاءة استخدام المياه
ذكرت الشناصي، أن الزراعة في معظمها تستهدف زراعة المحاصيل ذات القيمة المنخفضة والتي تضيف قيمة محدودة للاقتصاد واستهلاكها عالي من المياه. وقد أظهرت الدراسة الميدانية المعدة من قبل المركز الدولي للزراعة الملحية، أن هناك عددا قليلا جدا من المزارع التجارية التي توفر المصدر الوحيد للدخل، وان معظم أعمال الزراعة تمارس كهواية. وقالت الشناصي، «تبين الإحصاءات الرسمية تراجعاً في مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي من 5. 3 % في العام 2002 إلى 3. 1% في العام 2008، رغم استمرار التوسع الطفيف في المساحة الزراعية والتي بلغت 000. 256 هكتار في العام 2007».
وبالنظر للمحور الأول عن استهلاك المياه فإن نسبة 34% من 5. 4 مليارات متر مكعب سنويا يعني أن قطاع الزراعة يستهلك 53. 1 مليار متر مكعب في السنة، بكلفة توازي 4 مليارات درهم سنويا من الكلفة الإجمالية لتحلية المياه 8. 11 مليار درهم.
وإذا افترضنا فرضا جدليا أنه لا توجد زراعة خلاف ما تردده الوزارة منذ سنة 2000 م - أي منذ عشر سنوات - بوجود ما يزيد عن أربعين مليون نخلة مزروعة في الإمارات، فإن المقنن المائي سنويا لكل نخلة من 40 مليون نخلة يقل باطراد تناقصي عن 25. 38 متر مكعب بتزايد أعداد النخيل عن الأربعين مليون. هذا المقنن المائي للنخلة يقل عن 75. 12% مما وثق في كاليفورنيا - والتي معدل حرارة الصيف العظمى 42 درجة مئوية بها وهي أقل 6 درجات مئوية مما عندنا في الإمارات - إذ لا يقل هناك عن 300 متر مكعب سنوي في الترب الرملية الخفيفة للنخيل المنتجة تجاريا وهي صفة غالبية مناطق زراعة النخيل في الإمارات.
وأما بالنسبة للمحور الثاني من حيث أن «الزراعة في معظمها تستهدف زراعة المحاصيل ذات القيمة المنخفضة» فهذا راجع لاضطرار المزارعين المنافسة في السوق المحلي الذي يتعرض لسياسات إغراق المصدرين لأسواقنا بمنتجات زراعية رخيصة يتهاون بإنتاجها شروط السلامة الصحية للمستهلك ودون حماية منها من جهة اتحادية للمزارعين، ومن بعض أوجه التهاون من بعض المصادر مثلا استخدام مياه الصرف الصحي دون أية مرشحات أو معالجة.
وأما استشهاد الدكتورة بالقول بأن «معظم أعمال الزراعة تمارس كهواية» قول أقل ما يوصف بأنه غير موضوعي فليس هناك هواية لها ناتج مرصود بخمسة وستون 65 ألف طن من التمور يسوق سنويا بغض النظر عن جودتها أو كفاءة إنتاجها من عدمه. أما كون التمور الناتجة ليست بالمستوى المطلوب من الجودة فهذا ناتج عن شروط الإنتاج والتوريد المطلوبة من المزارعين من قبل الجهة الرسمية التي يسوق لها التمور وتحديدا هي شركة الفوعة.
أوجه الواقع الزراعي وحاجته للعلاج
الأول: انعدام البحوث في مجال الحصاد وما بعده بالنسبة للتمور في محطات التجارب الزراعية في الوزارة منذ إنشاء وزارة الزراعة والثروة السمكية ومن ثم وزارة البيئة والمياه لتبنيها كشروط للتسويق. كما لم تقدم الوزارة إلى اليوم شيئا يذكر على مر السنين منذ إنشائها بخصوص ما هو متوجب عليها بالنسبة لاستعراض نتائج تجارب متميزة للحصاد وما بعده للتمور أو تجارب مستمدة من غيرها إرشادا للمزارعين للحصول على إنتاج متميز بمردود سعري مجز للمزارعين الراغبين في تطوير إنتاجهم؛ استهدافا للأسواق ذات القوة الشرائية العالية يعزز قطاع إنتاج النخيل عالي الجودة.
الثاني: بالنسبة لبرنامج التحول للزارعات المائية (الهايدروبونيك) في البيوت المحمية المبردة الذي تنفذه الوزارة الآن، لم تقم محطات تجاربها قبل تنفيذ البرنامج ميدانيا باستعراض العمل بهذه البيوت ونتائجها لديها - على مدار عامين متتاليين على الأقل لإثبات نجاحها للمزارعين المتشككين بجدواها اقتصاديا وتنافسيا مع ما يطرح في الأسواق من المنتجات الزراعية المستوردة ؟ والبيان العملي بقدرة العمالة المتوفرة بمستوى تدريبها وأميتها استيعاب هذه التقنية والعمل بها وتوفير الإرشاد الزراعي ضمن متطلبات الجودة العالية المطلوبة التي تشير لها الوزارة عند تنفيذ البرنامج للمزارعين.
الثالث: يتوجب على وزارة البيئة والمياه مراجعة إحصاءاتها التي تبدو بجلاء لكل ناظر لها بتضارب أرقامها تضاربا شديدا يفقدها الاطمئنان والركون إليها بخصوص نسبة استهلاك المياه في الزراعة وعدد النخيل المزروعة والمنتجة تجاريا.
الرابع: انعدام سياسة تسويقية مجزية للمنتجات الزراعية الجيدة تحمي المزارعين من خلال جمعية للمزارعين على المستوى الاتحادي بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والجهات الصحية والرقابية في الدولة من سياسات إغراق المصدرين لأسواقنا بمنتجات زراعية رخيصة يتهاون بإنتاجها شروط السلامة الصحية للمستهلك تدفع الدولة والأفراد أضرارها في الرعاية الصحية إضافة إلى دفع إسهام القطاع الزراعي في الدورة الاقتصادية للتدني والتراجع.