وأخيراً تفتقت عبقرية الإنسان عن إقحام الدب المسكين في معاركه وحروبه، ولحسن الحظ أن هذا الدب ليس حقيقياً بل هو من اختراعه، أي روبوت أو جندي آلي اسمه «بير» أي «الدب» باللغة الإنجليزية، يبلغ طوله 80,1 متراً وسيشرع في تصنيعه في 2012. وذلك يعني أن الحروب مستمرة حتى هذا التاريخ، ولا ندري إلى أين ستنتقل بعد أفغانستان والعراق!

يقوم هذا الروبوت بإنقاذ الجنود المصابين في ساحة القتال وانتشالهم من الموت، وقادر على إنقاذ الإنسان أكثر من الإنسان نفسه. والجهة المصنّعة، تُعَقْلن ذلك بقولها إن سبب صناعة هذه الآلة يعود إلى أن قدرات الإنسان الجسمانية محدودة الطاقة لا تمكنه من حمل جندي مصاب أو جريح في ساحة المعركة.

وحتى لو أراد إنسان أن يسعف آخر في ظروف الحرب فعليه أن يخاطر بحياته. هذا هو التبرير الذي أدى إلى صناعة هذا الروبوت الدب.

أما البريطانيون فقد سبقوا الأميركيين في استخدام روبوتات أخرى مثل (السمكة الروبوت) التي اخترعها فريق من جامعة (ايسكس) بالتعاون من متحف لندن للكائنات البحرية، قادرة على تقليد حركة الأسماك الحقيقية الحيّة وبقدرتها الآلية تقوم بملاحقة الغواصات والأجسام الغريبة وتكتشفها في أعماق البحار، إنها غواصة الكترونية التي قد يتوهم الصيادون باصطيادها.

أما المقاتل (بير) أو الروبوت الدب، فهو قوي جداً ويمكنه أن يحمل أكثر من 230 كيلوغرام، ويغطي الجندي المصاب كي لا يتعرض لمزيد من رصاص العدو، كما يمكن له أن يزحف على ركبتيه إلى مسافة طويلة، وهو مجهّز بمجموعة من آلات الكمبيوتر التي تسّهل له عملية التنقل في ساحة الحرب مهما كانت التضاريس بواسطة كاميرات وآلات تحكم عن بعد في ساحة الحرب.

أراد صانعو هذا الروبوت أن يضفوا على هذا المنقذ الآلي ملامح تطمئن الجنود المصابين، ولا تخيفهم، فصوروا رأسه على شكل دب لطيف يداعب الجريح أثناء عملية إنقاذه! يا سلام!

وهذا ما يتطلب نشر الآلاف من أجهزة هذا الروبوت في ساحات المعارك الأميركية الحالية والمستقبلية. وتكون كلفة إنتاجه مرتفعة لأنه مجهز بالكومبيوترات (الذكية) القادرة على التفكير في تلك اللحظات الحاسمة.

ولم يأت اختيار الدب اعتباطياً لأنه في العادة لا يهاجم الإنسان إلا إذا تخيله دباً مثله عن طريق الخطأ أو لضعف نظره، فهو أكثر الكائنات حميمية للإنسان. ولذا نرى الفتيات الصغيرات يحتفظن بدب كبير في غرف نومهن بل ويمتلكن عدة دببة مصفوفة فوق الخزانة أو بجانب السرير لأنهن ببساطة يتحدثن معه و«يفضفضن» بأسرارهن له حين يشعرن بالوحدة.

وحتى الأفلام تصوره هكذا، إلا أن فيلم (قصة الدمى ـ الحلقة الثالثة) الأخير أظهر الدب وحشاً، وهذا ما صدم الفتيات والفتيان على حد سواء في صالات العرض. على أية حال، نتساءل:

كيف سيتعامل دب آلي مع جندي مصاب أو جريح يحتضنه وينقله إلى مكان آمن؟ ربما لم يفكر صنّاع هذا الدب باحتمال خطأ البرمجة الذي قد يحوّل الدب المنقذ الحميمي إلى وحش كاسر يقوم بالتهام الجندي المصاب أو الجريح بدلاً من إنقاذه.

المخيلة الإنسانية القادرة على خلق كل هذه التقنيات المبتكرة، لا بد أن تكون قادرة أيضاً، بلا شك، أن تضع نهاية لهذه الحروب.

opinion@albayan.ae