أجمع المشاركون في منتدى دافوس على أن أسعار النفط لن تتعافى خلال الفترة القريبة وستحتاج إلى ثلاث سنوات وفق رئيس شركة «بريتيش بتروليم» النفطية، إلا أن رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، قدم مقاربة جديدة بخصوص المكاسب والخسائر وأكد أن تراجع الأسعار قد يعزز النمو الاقتصادي العالمي بمقدار من 15 إلى 20 في المئة، وأن الدخل سيتحول من الدول المنتجة إلى المستوردة، فيما القلق الأكبر يدور حول فنزويلا. وتضمنت بعض الآراء وجهة نظر تحذيرية بأن ما بعد التعافي هو صعود غريب في الأسعار بحيث يصل برميل النفط إلى 200 دولار.
وقال رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم إن تراجع أسعار النفط قد يعزز النمو الاقتصادي العالمي بمقدار من 15 إلى 20 في المئة، ولكن لا تزال هناك دول خاسرة.
وأوضح كيم في تصريح على هامش مشاركته في منتدى دافوس ان «هناك رابحين وخاسرين من التحول في سعر النفط».
وبعدما استقرت أسعار النفط حول مستوى 105 دولارات للبرميل، بدأت في التراجع منذ يونيو الماضي لتتداول أدنى مستوى 50 دولاراً للبرميل.
وأوضح كيم أن التقديرات التاريخية تشير إلى تراجع بنسبة 30 في المئة في أسعار النفط كما كان متوقعاً لعام 2015، يمكن أن يرتبط بزيادة في حجم الاقتصاد العالمي بحوالي 0.5 في المئة، وأضاف: «توقعاتنا تتراوح حول مستوى ثلاثة في المئة لذلك قد نرى زيادة في النمو من 15 إلى 20 في المئة في حال ظلت أسعار النفط منخفضة».
وأضاف أن استمرار انخفاض سعر النفط من شأنه أيضاً أن يحول الدخل من الدول المصدرة للنفط للبلدان المستوردة له، لكنه عبر عن قلقه الكبير بشأن فنزويلا، وكافة الدول التي تورد النفط بأسعار منخفضة للغاية كوبا، هايتي، وهندوراس.
حدود الأسعار
من جهته، قال الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) عبد الله البدري إن أسعار الخام لن تهبط إلى 20 أو 25 دولاراً للبرميل. وأضاف: أعتقد أن السعر سيبقى على ما هو عليه الآن.
وقال البدري إنه ينبغي للمنتجين من خارج أوبك أن يخفضوا إنتاجهم أولاً للتخلص من الفائض العالمي.
في السياق، قال الرئيس التنفيذي لشركة النفط العملاقة «بريتيش بتروليم – بي بي» بوب دادلي إن أسعار النفط قد تظل منخفضة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، وهو ما قد يؤدي إلى وصول أسعار البنزين في المملكة المتحدة إلى جنيه استرليني لكل لتر.
وصرح دادلي لهيئة الإذاعة البريطانية في دافوس: «تاريخياً، شهدت أسعار النفط تقلبات، وفي بعض الأحيان ظلت منخفضة لعدة سنوات»، وتوقع أن يرى الأسعار الحالية المنخفضة لمدة عام على الأقل وأن «بي.بي» لديها خطة لذلك.
في حين قالت مجموعة النفط الإيطالية «إيني» إن الارتفاع القادم للأسعار قد يكون عند 200 دولار للبرميل، وأوضح رئيسها التنفيذي كلاوديو ديسكلازي من خلال حديثه في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا أن صناعة النفط قد تخفض الإنفاق الرأسمالي بحوالي من 10 إلى 13 في المئة هذا العام بسبب تراجع الأسعار.
وأضاف أن هذا من شأنه أن يخلق نقصاً طويل الأجل وارتفاعات حادة في الأسعار خلال فترة من أربع إلى خمس سنوات في حال أخفقت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» في خفض الإمدادات.
ودعا كلاوديو «أوبك» إلى خفض الإنتاج قائلاً إن «أوبك» تشبه البنك المركزي للنفط الذي يجب أن يمنح الأسعار استقراراً لنكون قادرين على الاستثمار بالشكل المعتاد.
انخفاض طبيعي
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة «توتال» الفرنسية باتريك بويان إنه «يوجد انخفاض طبيعي خمسة في المئة سنويا (في الإنتاج) من الحقول القائمة حول العالم. هذا يعني أنه بحلول 2030 سيختفي أكثر من نصف الإنتاج العالمي الحالي من النفط. هناك حاجة لاستثمار أموال ضخمة لضمان إنتاج جديد بنحو 50 مليون برميل يومياً».
وأضاف أن من المنتظر أن تخفض «توتال» الإنفاق الرأسمالي عشرة في المئة هذا العام من 26 مليار دولار في 2014 وهو ما سيقلص الاستثمارات في بحر الشمال وإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
وقال بويان إنه يتوقع أن تبقى أسعار النفط منخفضة في النصف الأول من 2015 بعد أن نزلت نحو 60 في المئة منذ يونيو إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل.
وكشف أن الشركة ستخفض الإنفاق في بحر الشمال الذي ينتج مزيج برنت خام القياس العالمي مع تراجع الربحية.
كما سيتم تقليص الإنفاق على انتاج النفط والغاز الصخريين في الولايات المتحدة الذي تزايد في السنوات القليلة الماضية مما تسبب في ارتفاع امدادات النفط العالمية.
وأضاف: «لدينا حقول في الساحل الشرقي الأمريكي وتعليماتي كانت واضحة..سنقلص استثماراتنا...يمكن أن نعود خلال عام مع تحسن الأسعار».
وانضمت توتال إلى مجموعة من الشركات النفطية العالمية من بينها «بي.بي» و«كونوكو فيليبس» التي خفضت ميزانياتها لعام 2015 نظراً لهبوط أسعار النفط.
الإنتاج الروسي
قال نائب رئيس الوزراء الروسي أركادي دفوركوفيتش إن إنتاج بلاده من النفط قد يشهد تراجعاً طبيعياً لن يزيد على حوالي مليون برميل يوميا لكن موسكو لا تنوي خفض الإنتاج.
واستبعد أركادي خفض الإنتاج حتى إذا قررت «أوبك» ذلك رغم تراجع أسعار النفط لأدنى مستوى في خمس سنوات.
وأوضح على هامش مشاركته في «دافوس» أن روسيا قادرة على ضبط ميزانيتها عند أي مستوى لسعر النفط الذي توقع أن يظل منخفضاً لفترة طويلة.
