يومًا بعد آخر، يشهد الشارع المصري مبادرات وأفكار بناءة لحل مشاكل المجتمع، ومن بين الأفكار التي يتداولها الشباب إنشاء «وزارة للعزاب» لمساعدة الفتيات والشباب على الزواج، على غرار الفكرة التي ظهرت أخيرًا في إيطاليا عبر مجموعة من العزاب الايطاليين، الذين دعوا حكومتهم لإنشاء هذه الوزارة للإسهام في حل المشكلات المادية والمعنوية التي تحول بينهم وبين الزواج.. لكن التساؤل: هل يمكن أن تجد هذه الفكرة الأوروبية قبولاً في المجتمعات العربية؟.
تقول منى سيد، «مدرسة»: «أعتقد أن الفكرة إيجابية إلى حد كبير، ومن الممكن أن تأتي بنتائج جيدة، وخاصة أننا نعاني منذ سنوات من تفاقم ظاهرة العنوسة وتأخر سن الزواج دون وجود أي حل عملي لهذه المشكلة، ومن ثم فمن الممكن أن تكون فكرة إنشاء وزارة للعزاب هي الحل، بما قد تطرحه من حلول غير تقليدية».
فيما قال عبدالرحمن محمد، «مهندس»، إن تلك الفكرة «لن تجد قبولاً في مجتمعاتنا العربية؛ بسبب رفض فكرة وجود وسيط للبحث عن شريك الحياة وتكوين أسرة، وربما يرفض الفكرة الشاب نفسه؛ لأنه يجد فيها نوعًا من الإحراج وفقد الكرامة أمام الفتاة».
واتفقت معه هالة حافظ، «صحفية»، موضحة أنها كفتاة «لا تقبل هذه الفكرة»؛ لأن أي فكرة متعلقة بالزواج تأتي عن طريق آخر غير طريق الإعجاب والحب المتبادل فهي «فكرة مرفوضة».
وأضافت أن «هذا الحل أيضًا غير مقبول نفسيًا»، مؤكدة أنه «قد يسبب لها توترات وعدم طمأنينة»، إلا أنها قالت «إنها لو وصلت إلى سن معين وفاتها قطار الزواج فقد تضطر إلى قبول هذه الطريقة دون أن تُعلم أحدًا بها؛ لأنها ستجد حرجًا شديدًا في الإفصاح عنها».
وعلى الرغم من توقع هالة أن تساعد مثل هذه الوزارة -حال إنشائها- بالفعل على حل لمشكلة العنوسة، لكنها سوف تتسبب في مشكلات أخرى نفسية قد تزيد من نسبة الطلاق؛ «لأن مثل هذا الارتباط لا يعدو زواج صالونات»، على حد قولها.
اختلاف اجتماعي
أما أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق د. أحمد عبدالله، فرأى أن «مشكلة العزوبية وتأخر سن الزواج في المجتمع، ربما يكون لأسباب أخرى مختلفة عن المجتمعات الأوروبية». وتساءل «إذا كانت الدولة عبر وزاراتها المختلفة غير قادرة على حل مشكلاتها، فكيف تكون قادرة على حل هذه المشكلة بمجرد إنشاء وزارة للعزاب؟!».
مؤكدًا أن «الإشكالية ليست في إقامة وزارة للعزاب، ولكن المشكلة في فاعليتها؛ وبما أن الأداء الحكومي والرسمي في التعامل مع المشكلات فاشل وغير فاعل، فسوف تكون وزارة غير مجدية وليس لها معنى في المجتمع مثل وزارت أخرى لم تستطع حل مشكلات أقل تعقيدًا».أما عن مدى قبول المجتمع لها، فقال إنها «ستكون مقبولة نفسيًا واجتماعيًا في المجتمع المصري، الموافق على أي سبيل لحل مشكلة العنوسة، أو تأخر سن الزواج، وهي المشكلة التي تعكس بدورها مشكلات أخرى كثيرة موجودة في المجتمع».
رفض مطلق
بدورها، أكدت أستاذ علم الاجتماع د. عزة كريم، رفضها المطلق لفكرة إنشاء هذه الوزارة، مؤكدة أنها «فكرة غير مقبولة في المجتمعات العربية؛ باعتبار أن هذه المجتمعات لها وجهة نظر أو اتجاه معين في عملية الزواج، ومن ثم فالحل يكمن في أن تتعاون الوزارات كافة لحل مشكلة عدم الزواج، وليس أن تقوم بإنشاء وزارة للعزاب. فمثلا لابد أن تقوم وزارة القوى العاملة بتوفير فرص عمل للشباب، ووزارة الإسكان بتوفير سكن ملائم لدخول الشباب. كل الوزارات يجب أن تتعاون من أجل إعطاء الفرصة للشباب كي يتزوج».
