أثار إعلان رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في المنفى معاذ الخطيب، استقالته، أخيراً، حالة من الارتباك في صفوف ائتلاف المعارضة السورية. وفي إعلان الاستقالة، اشتكى الخطيب بمرارة من القوى الخارجية، وقال إنها كانت تحجب المساعدات عن الثوار السوريين، وفي الوقت نفسه، تحاول السيطرة على كل خطوة من خطواتهم.
وجاءت استقالة الخطيب، وهو الذي ضغط من أجل مباحثات بين الحكومة السورية وخصومها المسلحين، بعد خمسة أيام من انتخاب ائتلاف المعارضة رئيساً للحكومة الانتقالية، غسان هيتو، الذي يرفض أي حوار مع الحكومة السورية.
واستقالة الخطيب تؤكد التحديات التي ما زالت تواجه الائتلاف في تأسيس الشرعية والقيادة المؤثرة، على الرغم من اعتراف عشرات الدول به منذ أربعة أشهر، بوصفه الممثل الشرعي للشعب السوري.
وضع مربك
ومما زاد من حالة الارتباك، قول المكتب الإعلامي للائتلاف أخيراً إن الخطيب وافق على البقاء في منصبه، فيما نفى المتحدث الرسمي باسمه هذا الأمر. والخطيب هو إمام بارز، كان قد عمل سابقاً في الجامع الأموي الكبير في العاصمة السورية، ولقد وقف إلى جانب الثورة ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد في وقت باكر.
ومغادرته قيادة الائتلاف يمكن أن تمثل انتكاسة لجهود المعارضة في توسيع جاذبيتها، وفي التوصل إلى حل سياسي للصراع الذي تجاوز السنتين. والبعض في الائتلاف انتقده، لكونه على استعداد للتحدث مع بعض أعضاء حكومة الأسد، فيما رأى الآخرون أنه معتدل، ومناسب تماماً للتواصل مع سكان دمشق الذين يؤيدون الحكومة أو يخشون الثوار. على الرغم من وجوده خارج البلاد، كان الخطيب قد بدأ في تعزيز مشاعر الاحترام تجاهه لدى بعض المقاتلين داخل سوريا.
وقال عضو في الائتلاف على معرفة بنهج الخطيب في التفكير، إنه استقال بسبب تدخل إحدى الدول الداعمة للانتفاضة السورية. أما مصطفى صباغ، وهو عضو آخر في الائتلاف، فقد نفى أي تدخل، وقال إنه يعتقد أن الخطيب استقال بسبب شروط الدول الغربية لإمداد الانتفاضة بالمساعدات.
وكان الخطيب قد وعد بمواصلة العمل لقضية الثوار خارج القنوات الرسمية، وقال: "إن باب الحرية قد فتح ولن يغلق، ليس في وجه السوريين فقط، بل في وجه كل الشعوب".
طمأنة الأقليات
وعقدت جماعة أخرى من المنشقين السوريين في المنفى، والعديد منهم من الطائفة العلوية، الأقلية نفسها التي ينتمي إليها الأسد وعائلته والدائرة المقربة منه، عقدت اجتماعاً مفتوحاً نادراً في القاهرة، في محاولة لإقناع غيرهم من العلويين في سوريا بالتخلي عن الحكومة. وأحد أهداف الاجتماع، كان تبديد الفكرة الشائعة بأن أبناء الطائفة العلوية بسوريا، والذين يشكلون حوالي 13 % من سكان البلاد، يسيرون على خطى الأسد.
والعلويون قالوا في المؤتمر إن ائتلاف المعارضة المشكل أساساً من السنة، فشل في طمأنة العلويين إلى أنهم سيكونون في مأمن إذا ما سقط الرئيس السوري بشار الأسد، وقال عدد من المشاركين، إن ائتلاف المعارضة لم يفعل إلا القليل لإقناع جيران سوريا بإيواء العلويين الذين قرروا الهرب.
والقلق من انتقال الصراع في سوريا عبر الحدود ازداد أخيراً، عندما قال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب موقعاً عسكرياً سورياً. وكان الإسرائيليون قد قالوا إن الضربة جاءت بعد تعرض دوريتين إسرائيليتين لإطلاق النار عبر خط الهدنة القديم، الذي أصبح له عقود في مرتفعات الجولان، مضيفين أن الدوريتين لم تتلقيا أية إصابات.
ولقد حذر وزير الحرب الإسرائيلي الجديد موشيه يعالون، في تصريح له، من أن أي انتهاك وإطلاق نار من الجانب السوري، سوف يرد عليه بإسكات مصادر النيران"، وأضاف: "النظام السوري مسؤول عن كل اختراق، ولن نسمح للجيش السوري أو أي جماعة أخرى بأي انتهاك بأي طريقة كانت".
ولم يقل الإسرائيليون ما إذا كان الموقع السوري الذي وجهت إليه الضربة، وهو موقع رشاش، يعود لقوات الحكومة السورية أم للثوار.
أسباب غامضة
قال رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية معاذ الخطيب، الذي تقدم باستقالته من منصبه أخيراً، إن الحكومة السورية تجاهلت اقتراحاته، وهاجم دولاً خارجية لم يسمها، لقيامها بوضع شروط كثيرة على المساعدات إلى الثوار، ولمحاولتها استغلال الأحداث من أجل مصالحها.
وقال الخطيب في رسالة الاستقالة: "من هو مستعد للطاعة فسوف يدعمونه، ومن يأب فله التجويع والحصار، ونحن لن نتسول رضا أحد، وإن كان هناك قرار بإعدامنا كسوريين، فلنمت كما نريد نحن".
ولم يكن واضحاً إلى أي من إحباطات المعارضة الكثيرة كان يشير الخطيب، المبهم في تصريحاته العلنية غالباً: عزوف الدول الغربية عن تسليم الأسلحة خوفاً من وقوعها في أيدي المتطرفين، أو التدخل في خيار رئيس الوزراء المؤقت، الذي رسا على غسان هيتو، أو كلاهما.
