الأمور تزداد سوءاً، كانت هذه هي رسالة اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في سوريا، والتي قدمت تقريراً محدّثاً لنتائجها إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أخيراً. التقرير، الذي يتضمن المعلومات التي تم جمعها حتى الخامس عشر من يونيو، يصف الوقائع على الأرض بأنها "خطيرة و تتدهور بسرعة." فلو تم الاعتداد بالنتائج التي توصلت إليها اللجنة الدولية، فإن هذا الطرح هو تقليل من شأن الواقع. وهنا نستعرض بعضاً من اللمحات السريعة الأكثر أهمية من التقرير.
قمع مطلق
1- أن الحكومة السورية تستخدم الأسلحة الثقيلة بشكل متزايد لقمع المعارضة: فالتقرير يصف كيف أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد استخدم طائرات الهليكوبتر الحربية والمدفعية "في قصف أحياء بكاملها يعتقد بأنها معادية للحكومة، حتى أثناء وجود مراقبين". وترى اللجنة هذه التكتيكات العشوائية على أنها علامة على ضعف النظام، وليس قوته.
واستخدام مثل هذه الأسلحة، حسبما ورد بالتقرير، يكشف "عدم قدرة الجيش السوري على السيطرة على الأراضي"، ويمثل استراتيجية جديدة للهجوم على معاقل الثوّار ثم الانسحاب، بدلاً من محاولة احتلال مناطق معادية بشكل دائم.
2- أصبحت جماعات المعارضة السورية تتسم بالدموية و التطرف على نحو متزايد. وفي حين أن اللجنة لم تتمكن من تأكيد تقارير وجود أسلحة أكثر تطورا تصل إلى المعارضة السورية، فقد أشارت إلى أن أنها تحقق "تحسناً من حيث الكفاءة والتنظيم"، لا سيما باستخدام أجهزة التفجير المرتجلة التي تحدث تأثيراً كبيراً ضد الجيش السوري.
ونتيجة لذلك، كما يفيد التقرير، فإن الثوار تحدوا نظام الأسد على نحو فعّال في محافظات دمشق وحمص و حماه وإدلب وحلب، وتمكنوا من تقويض سيطرة الحكومة على المناطق الحدودية، ما أتاح التدفق الحر للأشخاص والأسلحة من دول الجوار.
أدينت بعض جماعات المتمردين بالمسؤولية عن الانتهاكات نفسها التي كانت تنتقد نظام الأسد. وذكرت اللجنة أن القوات المناهضة للحكومة كانت تقوم بتنفيذ عمليات الإعدام دون محاكمة ضد القوات العسكرية السورية ومؤيدي الحكومة والمخبرين المشتبه بهم.
وفي هذه الأثناء، كانت بعض جماعات المعارضة "ضالعة في أنشطة إجرامية/انتهازية، مثل عمليات الاختطاف للحصول على فدية". ففي إحدى الحالات، قامت اللجنة بالتواصل مع مقاتلي الجيش السوري الحر لإجراء نقاش حول الطريقة التي تم التعامل بها مع عناصر القوات الحكومية المقبوض عليهم. "لقد ورد أن جنوداً من ذوي الرتب الأدنى تمت محاكمتهم من قبل محكمة تطبق الشريعة الإسلامية، وفقا لهذا المقاتل. وقال العديد من عناصر الجيش السوري الحر خلال مقابلات أجريت معهم للجنة إنهم لم يسمعوا أبداً عن الإنسانية الدولية أو قانون حقوق الإنسان، حسبما ذكر التقرير.
"وذكر أحد الجنود أنه يعتقد ان فكرة " العين بالعين "، التي وصفها بأنها جزء من الشريعة، تتجاوز المعايير الدولية. وقال جندي آخر في الجيش السوري الحر للجنة إن الجنود العلويين يتم قتلهم على الفور بمجرد أسرهم، في حين يتم منح الجنود من الطوائف الأخرى الفرصة للانضمام إلى صفوف الجيش السوري الحر، وإذا رفضوا الانضمام، يتم إطلاق سراحهم وإرسالهم إلى ذويهم".
أسلحة وحشية
3- هناك أدلة على أن انتهاكات جماعات المعارضة تتضاءل مقارنة بالانتهاكات من قبل قوات النظام: يعطي التقرير تفاصيل حول حالات التعذيب والاعتداء الجنسي وعمليات الإعدام التي ارتكبتها قوات الأمن التابعة للأسد. وتشمل أساليب التعذيب التي وصفها معتقلون سابقون "عمليات إعدام وهمية و صدمات كهربائية على أجزاء حساسة من الجسم، بما في ذلك الأعضاء التناسلية و حروق بالسجائر والضرب بالأسلاك الكهربائية و السياط والمعادن والعصي الخشبية وأعقاب البنادق. وفي حالات أخرى، يتم الحلق للمعتقلين بالقوة و الإجبار على تقليد الكلاب و والإعلان بأنه "لا إله إلا بشار في موقف التوسل".
وهناك أيضا أدلة على أن القوات الموالية للأسد تستخدم الاعتداء الجنسي كسلاح. و بعد أن استعادت القوات العسكرية السورية حي بابا عمرو المجاور لمحافظة حمص من مقاتلي المعارضة في شهر فبراير الماضي، على سبيل المثال، تلقت اللجنة تقارير متعددة عن الاغتصاب والاعتداء الجنسي ضد سكان المنطقة. فقد وصف أحد سكان المنطقة "إجبارهم على مشاهدة عملية اغتصاب زوجته و بنتيه من قبل ثلاثة من الرجال المتهمين"، حسبما ذكر التقرير. "وبعد ذلك، قال أيضا، إنه تعرض للاغتصاب بينما يتم إجبار عائلته على مشاهدته".
المسؤولية الهاربة
لم تقم اللجنة بإثبات التهمة في مجزرة الحولة، ولكن الأدلة بشأنها تشير في اتجاه القوات العسكرية السورية. ففي 25 مايو، قتل أكثر من 100 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، في قرية الحولة، حيث أعدم الكثير منهم من مسافة قريبة. قسم كبير من التقرير مخصص لإعادة بناء الأحداث التي وقعت هناك، في محاولة لتحديد المسؤول عن المجزرة.
وعجزت جهود اللجنة عن تحديد المسؤول عنها بشكل قاطع، ولكن مع ذلك قدمت معلومات قيّمة بشأن الولاء السياسي للمدينة و تمركز القوات السورية. فهو يقدم وصفاً لنقاط التفتيش الحكومية الحالية في المدينة، بما في ذلك "الشارع الرئيسي"، وهو أحد موقعين أساسيين ارتكبت فيهما المجزرة.
