اتسمت الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة المصرية بأنها كانت سلمية ومنظمة، ويعد هذا إنجازاً بالنسبة لبلد كثيف السكان يخرج من عقود من الدكتاتورية، ولكن ما أسفرت عنه هذه الجولة يشير إلى أن من ستجرى بينهما الإعادة هما شخصيتان قادرتان على الاستقطاب، وهما سياسي إسلامي النزعة، وقائد عسكري سابق خدم في نظام مبارك، وهذا ليس بالخيار الذي تؤثره القوى الغربية، ولكن مع تمزق الوسط في الحياة السياسية المصرية، فإنهما المرشحان اللذان يتعين على الناخبين المصريين الاختيار بينهما.
ستكون المهمة الثقيلة التي يتعين على الفائز في الإعادة مواجهتها هي كيفية تشكيل حكومة مستقرة تحظى بالموافقة الشعبية. لقد تم تجاوز الاختبارات الأولى للديمقراطية المصرية، حيث كان الاقتراع حراً مع انتهاكات محدودة فحسب، وسوف يتمثل التحدي الأكثر صعوبة في إجراء انتخابات حرة ونزيهة ومنتظمة تؤدي إلى اختيار الحكومات المصرية في المستقبل.
ورغم أن المرشحين اللذين سيخوضان جولة الإعادة ليسا بالشخصيتين اللتين تحظيان بالموافقة، إلا أن بروزهما يؤكد، أكثر مما ينفي، الرغبة في الديمقراطية المصرية، فالانتخابات لم تؤد إلى تعميق الانقسامات في المجتمع المصري، وإنما أعطت تعبيراً سياسياً عن هذه الانقسامات، وحتى على صعيد براغماتي محض، فإن هذا أمر مفضل على نظام قوامه القمع السياسي.
غير أنه لا بد من تأكيد أن الانتخابات لا تعدو أن تكون مكوناً واحداً في الديمقراطية، ويبدو أن المرشح أحمد شفيق قد فاز بأصواته من العلمانيين والأقباط، الذين يشعرون بالقلق على حقوق الأقليات في حال فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين بالرئاسة.
