كان الكوريون الشماليون يعدون لإطلاق صاروخ بعيد المدى على ثلاث مراحل، لكن ما أعدوا له باء بالفشل، عندما انفجر الصاروخ ووقع في البحر الأصفر بعد اقل من دقيقتين من انطلاقه في الجو. وقد ادعى نظام بيونغيانغ أن الصاروخ كان يراد به وضع قمر صناعي في مدار حول الأرض احتفاء بالميلاد المئوي للزعيم الأسبق لكوريا الشمالية، كيم إيل سونغ.
وبدلا من تحقيق ذلك، فإن الإطلاق الفاشل رمز إلى عدم فعالية نظام كوريا الشمالية الاقتصادي والسياسي، والى نهاية الآمال القصيرة المعقودة على إمكانية أن يؤدي التغيير الأخير في قيادة البلاد إلى تقارب مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
كذلك قضى اطلاق صاروخ جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية على اتفاق 29 فبراير الماضي قصير الأجل، والذي بمقتضاه وعدت الحكومة الأميركية إرسال ربع مليون طن من المساعدات الغذائية، عبارة عن أطعمة لن تذهب على الأرجح إلى جيش كوريا الشمالية، وذلك في مقابل قيام الكوريين الشماليين بتقليص بعض جوانب برنامجهم الصاروخي والخاص بالأسلحة النووية لفترة مؤقتة.
وكثير من المراقبين رأوا الاتفاق بأنه اختبار لاحتمال قيام الزعيم الجديد، كيم جونغ أون، باتخاذ مسار مختلف عن والده، ورؤية كوريا الشمالية مزدهرة وآمنة عن طريق الابتعاد عن برنامج الأسلحة النووية في مقابل تحسين العلاقات السياسية وتوسيع التعاون الاقتصادي مع أعداء بيونغيانغ المعلنين. ولقد فشل كيم في هذه التجربة.
وهذه الحادثة لطخت سمعة بكين أيضا، التي تمكنت مجددا من الظهور بمظهر الدولة المخادعة وعديمة الفائدة. وعلى ما يبدو، فإن الصينيين قادرون على حماية كوريا الشمالية دبلوماسيا واقتصاديا من تبعات المواطنة الدولية الرديئة، بل راغبين في ذلك. والصين تحاول باستمرار المساومة على عقوبات المجلس الأمن الدولي ضد بيونغيانغ ومن ثم تقوض العقوبات من خلال توثيق أواصر العلاقات التجارية والاستثمار مع كوريا الشمالية.
لكن الصين، من جهة أخرى، ينقصها إما القدرة على إقناع كوريا الشمالية بعدم المضي بتصرفاتها المخيفة مثل اطلاق الصواريخ أو تجارب الأسلحة النووية، أو تنقصها الرغبة في القيام بذلك.
وبكل وضوح، فإن الخاسر الأكبر في هذه القضية هو نظام كيم جونغ أون. فكيم تنتابه الشكوك حول قدراته القيادية منذ ان تولى منصب والده الفقيد، كزعيم اعظم للبلاد في الأيام الأخيرة لعام 2011. وتسلسل الأحداث الغريب وصولا إلى اطلاق الصاروخ، والذي بدا انه يشير إلى نقص في التنسيق بين أجندات محلية متنافسة، طرح تساؤلات حول قدرة حكومة كيم على المضي بسياسة خارجية متماسكة.
وقد ألقى كيم جانبا بالعرض الأميركي الخاص بالمساعدات الغذائية في 29 فبراير الماضي. ومن ثم ساهم قيام بيونغيانغ بإعلان اطلاق صاروخ وشيك في فوز التحالف الحاكم المحافظ بشكل مفاجئ في انتخابات التشريعية لكوريا الجنوبية بتاريخ 11 أبريل الماضي، وهو التحالف الذي يتبنى خطا اكثر تشدداً تجاه كوريا الشمالية من الحزب المعارض الرئيسي.
كذلك، شكل الإطلاق الفاشل إرباكا كبيرا للنظام. وكرجل شاب في ثقافة تبجل الإيغال في السن والخبرة، وكجنرال يحمل على صدره أربع نجوم تم تنصيبه على عجالة من دون أي خبرة عسكرية، فإن مواصفات كيم الوحيدة، تبدو أنها تتعلق بكونه حفيد كيم إيل سونغ ونجل كيم جونغ إيل.
