تستطيع الكلمات تحريك القلوب وتغيير التصورات ووضع الأمم والشعوب في إطار حركة هائلة. فهي جزء ضروري من التعبير عن إنسانيتنا. وتقييد حرية التعبير يعد إعاقة لحق أساسي في تحقيق كامل طاقتنا.

ومنذ القدم كان هناك إقرار بأن الكلمات قادرة على إلحاق الأذية بالآخرين كقدرتها على الشفاء، وبأن الإنسان مسؤول عن استخدام مهاراته الشفهية بالطريقة الصحيحة. والقوانين العصرية تعكس انهماك أجدادنا بهذا الأمر، فالقذف، التشهير، الحنث باليمين والتحريض على الكراهية كل هذه تعد جرائم في كثير من البلدان اليوم.

لكن الإقرار بالتبعات السلبية لسوء استخدام هبة الكلام، لم يقابله من الجانب الآخر وعي بالآثار الضارة لخنق حرية التعبير.

وتنظر المجتمعات، حيث قاعدة السلطة ضيقة في معظم الأحيان، إلى حرية التعبير كتهديد للنظام السائد، لكن عندما يكون التحدث ضد الأخطاء والمظالم غير مسموح، فان المجتمع يكون محروما من حافز حيوي للتغيير الإيجابي. وقوانين الرقابة التي تحمي المجتمع ظاهريا من التأثيرات الجائرة تحقق عموما قدرا يسيرا من الإيجابيات، والنتيجة تكون في تفشي أجواء الغموض والخوف الذي يخنق الإبداع.

وعلى مدى سنوات طويلة من الحكم الاستبدادي، فان أعضاء من الحركة الديمقراطية في بورما تمت معاقبتهم لانهم تحدثوا احتجاجا على انتهاكات حقوق الإنسان وسوء ممارسة السلطة، والقلة التي تحدثت كانت تعبر عن رأي الأكثرية الصامتة الخاضعة بواسطة التهديد، والوقوف كقلة ضد قوى السلطة ليس أمرا صعبا، فقد كان لتضامن أشخاص يحملون التفكير نفسه، في الداخل والخارج، أن عزز قوة دعاة حرية التعبير.

والقاعدة الأساسية التي يفترض ان يلتزم بها كل من يريد الدفاع عن حرية التعبير، هي أن يظهر ذلك من خلال ممارسة ما يدعو إليه.