اتهم رئيس السلطة الإقليمية في دارفور الدكتور التيجاني سيسي الحركة الشعبية وحكومة جنوب السودان بدعم الحركات المتمردة في دارفور تسليحا وتدريبا وتمويلاً .
وقال في حوار مع «البيان» خلال زيارة قام بها الى الدوحة أخيراً أن الطرف الوحيد الذي يدعم الحركات المسلحة الآن هي الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة جنوب السودان التي تقدم كل شيء للحركات وتتيح لها الانطلاق من أراضيها لتشن عملياتها في دارفور ثم تعود مرة أخرى إلى جنوب السودان. وحذر من أن استمرار دعم الجنوب للمتمردين لأن ذلك يؤجج الصراع ويهدد بعودة القتال الى دارفور متهماً المسلحين بالسعى الى إفساد اتفاق سلام دارفور الذي وقع في الدوحة يوليو من العام الماضي.
واعتبر مشاركة حركة العدل والمساواة الى جانب قوات الحركة الشعبية في الاعتداء على منطقة هجليج النفطية كان أكبر خطا استراتيجي ترتكبه فعندما احتلت الحركة الشعبية لتحرير السودان هجليج، كانت العدل والمساواة في مقدمة القوات وحكومة جنوب السودان أعلنت هجليج منطقة تابعة للجنوب وذلك يعني ان الحركة تعاونت مع دولة معتدية لاحتلال وقطع جزء من السودان. وقد أحدث ذلك وقعا سلبيا كبيرا جدا في السودان عامة وفي دارفورتحديدا، والبعض يرى ان القرار ليس خاطئا فقط، بل كان مدمرا لحركة العدل والمساواة.
وأشاد بنجاح اتفاق سلام دارفور بتحقيق الأمن في الإقليم بشهادة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، وما يزيده قوة وجود تعاون كبير بين مختلف الشركاء لتنفيذه بدعم من أهل دارفور جميعا، وأشار إلى أن تكلفة المشاريع المطلوب تنفيذها في دارفور تقدر بأكثر من 10 مليارات دولار . وقد ساهمت الحكومة السودانية بملياري دولار وقطر ايضا بمليارين . وهناك نية لعقد مؤتمر المانحين في الدوحة، بهدف استقطاب المزيد من الدعم لاستكمال البنية التحتية في دارفور.. وطالب الحركات المسلحة الالتحاق بقطار السلام لان الباب لا يزال مفتوحا، ومرحب بها إذا أرادت ذلك وفق اتفاق الدوحة الذي أسس للسلام الشامل والدائم في الإقليم. وفيما يلي الحوار:
هل ترون أن السلام قد تحقق في دارفور وهل لمس المواطن سلاما حقيقيا على الأرض؟
اذا كنا نتحدث عن تحقيق الأمن في دارفور فأعتقد وبشهادة المجتمع الدولي أن هناك تحسنا ملحوظا في الأمن بدارفور هذا ما نقوله نحن وقلناه، وهذا ما يشهده الإقليم وقالت به المنظمات الدولية . أما إذا كنت تتحدث عن السلام المستدام فذلك يتحقق بإنفاذ اتفاق الدوحة كما نص على ذلك صراحة، ونقصد العودة الطوعية للنازحين واللاجئين والمتضررين من الحرب، فالنازحون واللاجئون هم عنوان هذه القضية. فطالما كانت هناك معسكرات للنازحين وللاجئين يوجد بها مجموعة كبيرة من الناس فذلك مؤشر على أن الأوضاع غير طبيعية في دارفور أقول تحسنت الأمور الأمنية بصورة ملحوظة، أما استتباب الأمن فيتم بإكمال إنفاذ الدوحة وعودة النازحين واللاجئين إلى بمناطقهم.
هل تحقق الأمن على كامل تراب دارفور؟
في مناطق شهدت صراعا، وتداخلت فيها عوامل عدة، نتوقع ان تكون هناك بعض التجاوزات تأتي من المتفلتين كقطع الطرق ونهب العربات والاعتداء على أموال المواطنين وممتلكاتهم وتلك مسألة طبيعية يمكن استمرارها لفترة لوجود مجموعات تمارس تلك الأعمال. ومواطن دارفور مقتنع انه يشهد أمنا واستقرارا وأن اتفاق سلام الدوحة يلبي مطالبه وطموحاته وبالتالي هو يدعم الاتفاق دعما قاطعا.
بعد اقل من عام من التوقيع النهائي مع الحكومة السودانية على اتفاق السلام ما نسبة ما تم تنفيذه من الاتفاق على أرض الواقع؟
عدنا إلى السودان في نهاية أكتوبر أي الآن مضت ستة أشهر وإذا حاولنا قياس ما اتخذناه من إجراءات، فهناك مجموعة من الإجراءات اتخذت لتنفيذ الاتفاق، منها تعيين رئيس السلطة في دارفور، وإنشاء السلطة الإقليمية بقرارات جمهورية، وتعيين الوزراء والمفوضين، وتعيين نائب رئيس الجمهورية، وإنشاء مفوضية حقوق الإنسان، والمحكمة الخاصة وتعيين المدعي العام للمحكمة الخاصة . وإجراءات كثيرة اتخذت في إطار إنفاذ اتفاق الدوحة، والسلطة الإقليمية كبيرة بحجمها، وتضم أحد عشر وزيرا وست مفوضيات .
وكان هدفها انتقال السلطة إلى دارفور، وتوطينها حيث تدشين السلطة في دارفور بحضور دولي كبير في الثامن من فبراير الماضي. نحن نحتاج إلى وقت لتامين مقار الوزارات والمفوضيات وتأسيسها وتعيين الموظفين القياديين، ما يأخذ وقتا، لذا قمنا بتكوين لجنة لدراسة هيكل السلطة الإقليمية، وتم الانتهاء من المرحلة للهيكل، ونتوقع صدور قرار جمهوري للمصادقة على المرحلة الأولى من الهيكل قريبا.
تعاون الحكومة
انتم الآن جزء من الحكومة السودانية ولكن اسمح لنا بسؤال، ما مدى تعاون الحكومة السودانية مع حركة التحرير والعدالة في تطبيق الاتفاق على ارض الواقع؟
هناك تعاون كبير بيننا فهم شركاؤنا ونحن نقولها بدون مجاملة، ولا نقول التعاون مع الحكومة فهذا غير وارد، فنحن جزء من الحكومة، نتعاون معها لتنفيذ اتفاق الدوحة وبالطبع السودان يواجه تحديات ونحن نسعى لمواجهة التحديات كسلطة ونسعى جميعا لمواجهة تلك التحديات .
هل تشعرون أنكم طرف واحد انتم والحكومة في تطبيق الاتفاق؟
الطبع.. لأن السلطة الإقليمية شراكة بيننا، نحن لا نتحدث عن حركة التحرير والعدالة فقط. فالسلطة الإقليمية تضم الحركة والمؤتمر الوطني والحركات الموقعة على اتفاقات ابوجا وعددها 6 حركات، وفيها منظمات المجتمع المدني ومن خلال الشراكة يتم اتخاذ القرارات بمشاركة كاملة من الجميع.
ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتكم خلال التطبيق؟
ابرز الصعوبات التي تواجهنا هي صعوبات مالية، وهذا ليس سر فبلادنا تواجه تحديات مالية وقد ازدادت هذا التحديات بعد الاعتداء الذي قامت به الحركة الشعبية في جنوب السودان على السودان ما أقوله أن هناك مجهودات تبذل من أجل تخطي هذه الأزمة بإذن الله.
تتحدثون عن صعوبات مالية كم تكلفة المشاريع المطلوب تنفيذها في دارفور؟
نحن نتحدث عن مبالغ كبيرة تقدر بأكثر من 10 مليارات دولار لقد ساهمت الحكومة السودانية بملياري دولار وهناك مساهمة قطرية أيضا بمليارين ، وهناك نية لانعقاد مؤتمر المانحين في الدوحة بهدف استقطاب المزيد من الدعم لعملية إعادة استكمال البنية التحتية في دارفور.
ما هي أولوياتاكم الملحة المطلوب تمويلها سريعا؟
هناك ثلاث أولويات ملحة هي عودة اللاجئين والنازحين الطوعية وهذا يتطلب تقديم الخدمات الأساسية في مناطقهم وهي الأمن والصحة والمياه والتعليم وهي ما يمكن ان تعين العائدين على تسيير أمور حياتهم حتى تبدأ دورة الإنتاج . والأولوية الثانية إعادة الاعمار والتنمية . وتتمثل الثالثة في ربط النسيج الاجتماعي في دارفور وتوحيد المجتمع الأهلي.
أنتم في حركة التحرير والعدالة ، هل بدأتم في حل الحركة ودمج أعضائها في المؤسسات والأجهزة السودانية المختلفة؟
هذه عملية تدريجية بدأت تتحقق فنحن دخلنا مرحلة التجميع، ومن ثم تبدأ الخطوات الأخرى بدمج قواتنا في النظامية وبعدها نسعى للتحول إلى حزب سياسي في إطار دولة السودان.
قطار السلام
هل تعتقدون أن حركات المعارضة التي لم تلتحق بالسلام فاتها القطار وأنه لم يعد لها تأثير في الإقليم؟
هدفها فتح الباب لمن يريد أن يلتحق بقطار السلام ونحن نرحب بهم.
هل ترون أن بعض الأطراف الدولية والإقليمية التي كانت تدعم الحركات المسلحة قد أوقفت دعمها بعد توقيع اتفاق السلام؟
أنا لا أؤكد ذلك أو انفيه، لكن أقول الظروف تغيرت الآن فقد انتهى حكم القذافي في ليبيا. وموقف ليبيا الآن بناء. وهناك اتفاقات حدودية تنظم وتحفظ الأمن في الحدود بين تشاد والسودان وإفريقيا الوسطى والسودان. أما الأطراف الدولية فرأيها واضح بدعمها اتفاق الدوحة، ودول آلية مراقبة الاتفاق يدعمونه ويؤكدون ضرورة تنفيذه. والطرف الوحيد الذي يدعم الحركات المسلحة الآن، هي الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة جنوب السودان التي تدعمها وتسلحها بل وبعضها ينطلق من أراضيها للقيام ببعض العمليات داخل دارفور والعودة إلى جنوب السودان.
وماذا عن حركة العدل والمساواة هل ترون أن تأثيرها انتهى بمقتل زعيمها؟
اعتقد انها أخطأت كثيرا بمشاركة الحركة الشعبية في الاعتداء على هجليج، وكان ذلك أكبر خطأ استراتيجي ترتكبه الحركة، فعندما تم احتلال هجليج كانت العدل والمساواة في مقدمة القوات، وحكومة جنوب السودان أعلنت هجليج منطقة تابعة للجنوب، وذلك يعني انها تعاونت مع دولة معتدية لاحتلال وقطع جزء من السودان.
وكان لذلك وقعه السلبي الكبير جدا في الشمال، وفي دارفور والكثيرون يرون أن قرارها لم يكن خاطئا فقط، بل كان مدمرا للعدل والمساواة. وجميع الحركات المتمردة تتلقى الدعم من دولة جنوب السودان مالاً وسلاحاً وتدريبياَ، وهم متواجدون في الجنوب، وهناك جزء منها تشترك مع الحركة الشعبية في احتلال بعض المناطق التابعة لدارفور.
هل هذا يهدد بعودة الصراع في دارفور؟
طبعا، فحركة العدل والمساواة والأخرى المشاركة في الهجوم تريد إفساد اتفاق سلام الدوحة .
