يبدو أنه لولا ثورات الربيع العربي، لما تجدّد الحديث عن الحقوق الحياتية للمرأة في وطننا الكبير من الخليج إلى المحيط، فالنساء لعبن دوراً فعالاً وكبيراً في قيام تلك الثورات، فضلاً عن تنامي مساهماتهن في مختلف ميادين المجتمع، الأمر الذي دفع المنظمات الدولية إلى الاعتراف بهن والتنافس على تقديم الجوائز لهن بعد أن كانت النظرة السابقة يشوبها الكثير من التهميش والتنكر لحقوقها.
وعلى الرغم مما يحمله هذا الاعتراف الدولي بمكانة المرأة والقناعة بدورها، إلا أن حقوقها الحياتية لاتزال محل تجاهل؛ نظراً إلى وجود قوى سياسية واجتماعية تعمل باتجاه عدم نيل المرأة حقوقها التي تتأرجح بين الممنوح والممنوع. ففي دول تحتضنها القارة الآسيوية نجد النساء قد تبوأن مكانة رفيعة وتقلدن مناصب مهمة وفي مقدمتها رئاسة الدولة ورئاسة الوزارة، والشيء نفسه في أوروبا وأميركا اللاتينية بينما أكبر الدول ديمقراطية وهي الولايات المتحدة نجد المرأة هناك حالها حال العربية لم يحن وقت وصولها إلى سدة الرئاسة رغم المحاولات المتكررة في الترشح للمنصب.
هل النظرة الذكورية تلعب دوراً في قهر وقبر طموحات نساء العرب وتقييد تحركاتهن بحيث لاتصل إلى أبعد من كرسي الوزارة أو قاعة البرلمان. حقاً إنها قضية بحاجة إلى نقاش، وهنا تباينت الآراء، واختلفت الرؤى في الوقت الذي يستمر فيه اختلال الموازين، بين نساء يعانين التهميش، ورجال متخمون بالتكويش على المناصب من كرسي الرئاسة وحتى مقعد النائب.
مصر . . حقوق النساء في المناصب طريق محفوف بالمصاعب
المرأة المصرية على الرغم من وجود عدد من الناشطات السياسيات والقاضيات اللاتي أحدثن جملة من التغييرات بالمنظومة الفكرية للمجتمع، بعد أن وقفن جنبًا إلى جنب مع الرجل أثناء الثورة، إلا أنهن فشلن بعد ذلك في السطوع بقوة وكان حضورهن ضعيفًا جدًا، بما يوحي أنهن ما زلن يواجهن جملة من الممنوعات في مقابل قليل من "الممنوحات"، تلك الممنوعات التي أسهمت ولا تزال في تراجع فرصهن في التعليم والصحة والتوظيف والطموح السياسي.. فضلاً عن إحباط طموحهن في تولي مناصب مهمة في الدولة.
عضو مجلس الشعب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي سناء السعيد، قالت إن مصر تخسر نحو ما يقرب من 70 مليار جنيه كل عام، بسبب انخفاض نسبة ومستوى تعليم النساء، وتراجع مساهماتهن في قوة العمل.
ومشكلاتها تتمثل في كلمة واحدة هي "التمييز"، التي تعتبر مشكلة خطيرة ذات دلالة واضحة تشير إلى أن معتقدات الشارع المصري قاصرة على فهم وضع المرأة المطلوب، على الرغم من تفجير ثورة كان من المفترض أن تسقط تلك المعتقدات، ومنظومة القيم والعادات والتقاليد غير المواكبة للعصر.
ويمكن النظر إلى ما تشعر به المرأة من مرارة ومعاناة في ضوء الأرقام، فنسبة تمثيلها في البرلمان لا تزيد على 2بالمئة، فيما ترتفع نسبة الأمية بين الإناث بشكل عام بنحو 20في المئة زيادة على الذكور، وخاصة في المرحلة العمرية من 15 إلى 35 عامًا، كما بلغ عدد اللاتي وصلن سن التعليم ولم يلتحقن بالمدارس 650 ألف فتاة. وكلها أرقام توضّح حجم المعاناة التي تشهدها. أما عن الأوضاع الصحية، فبلغت نسبة المصابات بالأنيميا البسيطة نحو 30.8%، بنمو 11.8% عمن هم في أعمارهن من الذكور في الفترة العمرية من 11 إلى 19 سنة، فضلاً عن باقي الأمراض التي تواجهها خاصة الريفية وقاطنات القرى.
وفي ما يتعلق بالمشاركة السياسية للمرأة، أشارت عضو الهيئة العليا لحزب الوفد دكتورة كامليا شكري، إلى أن المرأة تواجه جملة من التحديات على مستوى العمل السياسي، بعدما أظهرته الانتخابات البرلمانية الأخيرة -التي شاركت فيها المرأة بقوة- من تمييز، إذ وضعت الأحزاب السياسية الكبيرة والصغيرة أيضًا المرأة في آخر قوائمها؛ بمعنى أن نسب احتمال نجاحها أو دخولها البرلمان كانت ضعيفة جدًا، وخاصة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، التي وضعتها في موضع متدنٍ؛ نتج عنه تواجد محدود وضعيف جدًا بالبرلمان؛ ما يعني أن المرأة لاتزال مضطهدة وتواجه جملة من التمييز.
كما أن هناك تيارات برزت بعد الثورة وترى أن المرأة مكانها البيت ورعاية أولادها وليس لها مكان أو دور مجتمعي وسياسي خلال الفترة المقبلة، وهي وجهة نظر يتبناها قطاع آخر في الشارع إذ يعتبر خروج الفتيات من بيوتهن للتظاهر أو المطالبة بحقوقهن نوعًا من الخروج على الآداب المجتمعية.
مواطنة درجة ثانية
وتتفق الناشطة الحقوقية والمرشحة المحتملة للرئاسة بثينة كامل مع الآراء السابقة، مؤكدة أن المرأة كانت تأمل في تغير النظرة المجتمعية لها بعد الثورة من حيث الحقوق والواجبات، لكنها وجدت نفسها تتراجع وكأنها مواطنة من الدرجة الثانية. وكتعبير واضح الدلالة على حجم معاناة المرأة، أشارت كامل إلى امتلاء ساحات ميدان التحرير (الذي احتوى الثورة في مصر) برسومات "جرافيتي" تنادي بأهمية تفعيل دور المرأة، ورفع شعارات "البنت زي الولد" و"فؤادة فتحت الهاويس"؛ ردًا على الأصوات المرتفعة بالآونة الأخيرة ضد الناشطات السياسيات اللاتي قمن بإحداث جملة من التغييرات والنزول للميادين للمطالبة بمطالب "مشروعة" وجهت لهن انتقادات واسعة من عدد من الإعلاميين والخبراء فقط لكونهن سيدات!.
وأكدت دكتورة هبة العيسوي، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، أن المرأة تقع تحت ضغوط نفسية هائلة، تمنعها دومًا من تولي المهام التي حتمًا ستنجح فيها، وخاصة أن لديها قدرات فائقة، تتفوق بها على الرجل ، إلا أن ما تمليه عليها العادات والتقاليد يمثل حاجزًا وعائقًا أمامها، ومن أبرز التحديات التي تواجه المرأة بشكل عام الزواج والمهنة والأسرة والجمال. وعلى المجتمع أن يعي أهمية عمل المرأة و يدعمه، وللاسف فإن عدم تقدير الرجل لدورها يسهم في إصابتها بـ"الإحباط" وعدم إنجاز عملها على أتم وجه.
الصعود مرفوض
وعلى الرغم من كون الدستور والقوانين المصرية تكفل الحق للمرأة في الترشح، وتولي المناصب كافة، وأن تزاحم الرجال في أعمالهم، إلا أن عددًا كبيرًا من أبناء المجتمع لا يتقبلون صعود المرأة ومشاركتها بهذه الصورة، ولذا يفشلن دومًا في الانتخابات ، وهنا يظهر حجم التمييز الذي تعانيه. وأشارت أستاذ علم الاجتماع الدكتورة أمل محمود إلى أن مشكلات المجتمع بشكل عام تنعكس على المرأة، فارتفاع نسبة البطالة جعل للسيدات نصيبًا منها أيضًا، ليس تمييزًا لكنها ظروف ومشكلات المجتمع نفسه، مشيرًا وهي أيضا تواجه القهر الاجتماعي ومحاولة إجهاض أحلامها، لأنها امرأة، وذلك ما أسهم في تهميشها، وإخراجها جزئيًا من المعترك السياسي.
ورغم كل ذلك فالنساء يحاولن تغيير الممنوعات التي يواجهنها بقوة حاليا، سعيا منهن لترسيخ ثقافة التغيير في المجتمع؛ حتى يقتنع بوصولها إلى المناصب القيادية وتحملها مهام القيادة.
أميركا.. شوط أكبر على صعيد المسيرة والأماني لم تبلغ الطليعة
تعود معركة المرأة الأميركية لمساواتها من حيث الحقوق بالرجل، إلى بداية القرن الماضي. وقد تحقق لها الكثير. خاصة في حقول السياسة والعمل والتعليم والاقتصاد. لكنها لم تبلغ بعد ما وصلته اليه مجتمعات أخرى متقدمة سبقتها. والمفارقة أن بعض الحقوق المكتسبة لا تزال موضع خلاف، على أرضية دينية وسياسية. وبعضها مهدّد بالشطب. أو على الأقل مرفوض من جانب فئات وقوى لن تتردد بالانقضاض عليها، لو تيسرت لها الفرصة وصارت سلطة القرار بيدها. وهو الآن موضع صراع شديد غير مسبوق بين اليمين المتزمت، والشرائح الليبرالية الواسعة من المجتمع الأميركي. بيد أن هذه الحقوق ترسخت بالتقادم الزمني وباتت بمثابة الانجازات المحمية بالقانون.
كانت البداية في الحراك السياسي الذي انطلق قبل حوالي مئة سنة، ليتوج بتعديل دستوري عام 1920، يعطي المرأة حق التصويت ودخول المعترك السياسي. ومنذ ذلك الحين تواجدت في مختلف القطاعات والدوائر الحكومية، المدنية والعسكرية. خاصة في الكونغرس الذي دخلته عشية التعديل الدستوري. واليوم تشغل 17 مقعداً من أصل 100 في مجلس الشيوخ. كما تشغل 72 مقعداً من أصل 435 في مجلس النواب. بالإضافة إلى أن العنصر النسائي يشكل الآن الثلث من أعضاء المحكمة العليا "3 من 9 "، التي يبقى قضاتها في مواقعهم مدى الحياة طالما شاءوا ذلك. وهي ارفع مرجع قضائي في أميركا، حيث تتولى حراسة الدستور والسهر على دستورية القوانين والبت في المسائل والصلاحيات المتداخلة، وفق مبدا الفصل بين السلطات.
وبهذا الدور هي تحتل موقعاً مركزياً في النظام السياسي الأميركي. كذلك بات احتلال المواقع الوزارية والهامة منها، مسألة عادية. وحده البيت الأبيض لم يعرف بعد المرأة الرئيس. كادت الوزيرة هلاري كلينتون أن تدشّن المنصب في 2008.
ولم تكن الحقول الأخرى أقل انفتاحاً أمام المرأة. وبالتحديد حقل العمل والأعمال. فهي الآن تشغل نسبة 16.1بالمئة من مجالس إدارات الشركات و14.1 من المديرين التنفيذيين و7.5% من بين اصحاب الوظائف الأعلى أجراً في أميركا؛ حسب مركز "كاتاليست" في واشنطن المعني برصد دور ومواقع المرأة في ميادين العمل والمال والأعمال. وتشير معلوماته إلى أن المرأة تتولى مواقع قيادية مرموقة في الحقل التربوي. فحصتها في رئاسة المعاهد والجامعات تربو على 23%، موزعة بين المؤسسات التعليمية الخاصة، 26% والعامة 18%. واليوم " يزيد عدد الإناث في الجامعات والمعاهد على عدد الذكور "، كما تقول الكاتبة ليزا مانداي في كتابها الأخير. الأمر الذي أدّى إلى انخفاض درجة البطالة في صفوف النساء ، كما تشير الاحصائيات. ومن هنا النسبة النسوية الأعلى في سوق العمل والتي تدنو من 47%، وفق مصادر المركز اعلاه.
لكن كل تلك المراكمات الإيجابية ليست من دون سلبيات. فحتى الآن ومنذ دخولها سوق العمل مع بداية الثورة الصناعية في مطلع عام 1840، ما زال أجور المرأة تتقاضى أقل من الرجل لنفس الوظيفة. تتقاضى 81,2% مما يتقاضاه الرجل، حسب آخر الدراسات.
المساواة لم تتحقق بعد في هذا الخصوص. كما هناك علّة العنف ضد المرأة والتي تشكل إحدى أسوأ عيوب المجتمع الأميركي. تتعرض له، بدرجة أو بأخرى، واحدة من كل أربع نساء. وقد اثار هذا الموضوع ضجة كبيرة قبل ايام، في ضوء الجدل الصاخب الذي شهده الكونغرس حول تجديد قانون عام 1994 المتعلق بالعنف ضد المرأة. الجمهوريون المحافظون عملوا على عرقلة التصويت لأسباب سياسية وأيديولوجية.
ونشب الخلاف الذي اشتد في الآونة الأخيرة بين المحافظين وخصومهم بشأن ادوية منع الحمل وما إذا كان على شركات التأمين أن تغطي الكلفة أم لا. ووصل الجدل إلى حدود غير مألوفة من البذاءة والفجور على لسان واحد من أشهر مذيعي الراديو المحافظين. الأمر الذي حمل الرئيس أوباما للتدخل والاتصال بالطالبة الجامعية التي تعرضت للإساءة والإهانة، لتطييب الخاطر وإدانة تصرف المذيع الذي عاد واعتذر تحت ضغوط الإعلام والرأي العام. ويرتبط كل ذلك بقضية الإجهاض الذي لم يحسم الخلاف حوله بالرغم من حماية القانون له. مقاربته من زاوية دينية جعلته دائم الحضور سياسياً.
بالرغم من تسليمها بحقوق وحرية المرأة ومساواتها مع الرجل، إلا أن أميركا لم تقم حتى الآن بتصديق المعاهدة الدولية التي تحظّر كافة أشكال العنف والتمييز ضد المرأة. ثمة مفارقة. تقول كافيتا رامداس، رئيسة الصندوق العالمي للمرأة بواشنطن، "كثيراً ما نعتقد أن تفكيرنا الأميركي متقدم بخصوص حقوق المرأة، لكن في الحقيقة ليست الحال بهذه الصورة الوردية". فالولايات المتحدة ليست من بين الدول العشر الأوائل في هذا المجال، اذ تتقدمها ايسلاند وفينلندا والنرويج والسويد. فيم تحتل أميركا المرتبة 34 في الفجوة بين الجنسين، وفق ترتيب الصندوق الذي يشير إلى أن 67 من الدول تسير في اتجاه تضييق هذه المسافة. الأردن .. أسئلة حائرة وإجابات غائبة والنساء على رصيف الانتظار
لم يبخل المجتمع الاردني بتقديم نماذج لنساء اعتبرن نموذجا حيا على قدرتهن تخطي حاجز المجتمع الذكوري. توجان فيصل شاهد على ذلك. فهي أول امرأة ينتخبها الاردنيون في برلمانهم. تلك المرأة التي تجلت تحت القبة حتى لقبها البعض بأنها الرجل الوحيد في مجلس النواب كناية على شجاعتها في النقد، وذهابها بعيدا فيه.
هذا في عالم المعارضة السياسية التي تضم الكثير من النساء اللواتي نجحن في الوصول الى سدة العمل العام بجدارة. أما في عالم الوسطية السياسية، فهناك أمينة عام حزب حشد عبلة ابو علبة عضو مجلس النواب الحالي فهي نموذج آخر أيضا، رغم انها فازت بمقعدها عن طريق الكوتا النسائية وليس عن طريق حزبها.
وفي عالم الموالاة السياسية هناك العين نائلة الرشدان التي تمكنت من نيل احترام جميع التيارات السياسية بميلها نحو الملفات الجامعة في المجتمع دون الخلافية.
وفي عالم الاقتصاد تبرز نساء كثر سواء في القطاع العام أو الخاص، فهناك النائب الحالي ريم بدران حاملة ماجستير في الاقتصاد الدولي والدراسات الشرق أوسطية من جامعة جونز هوبكنز في واشنطن دي سي، فلها نشاطات اقتصادية واسعة منها أنها عضو مجلس إدارة البنك الوطني لتمويل المشاريع الصغيرة.
وهناك سهير العلي العضو مؤسس في جمعية الأعمال الأردنية الأميركية، التي تولت حقيبة وزارة التخطيط والتعاون الدولي لثلاث مرات متتالية، في حكومة نادر الذهبي، وقبل ذلك كانت في ذات الوزارة في حكومتي معروف البخيت وعدنان بدران.
وفي عالم الصحافة، يمكن اعتبار رئيسة تحرير أهم صحيفة أردنية جمانة غنيمات شاهد على الصحافيات الاردنيات. وتعتبر الصحافية من أعمدة الاعلام ،كما تقف بقامة كاملة وندا بند مع زميلها الصحافي دون ان تشعر بجنسها في مجتمع شرقي وجدت فيه نفسها تحتل حيزا واسعا للعمل. كما استطاعت ربى كراسنة المختصة في شؤون الأحزاب ان تتفوق بانجازاتهاعلى كثير من زملائها في قطاع يعتبر من أصعب القطاعات الصحافية في الساحة الاردنية.
ولا ترى كراسنة اختلافا في دور المرأة الاعلامية عن الرجل الاعلامي كونهما يؤديان رسالة واحدة ويعملان في مهنة واحدة وصفت بمهنة المتاعب.
لكنها تعترف: بينما تمكنت المرأة الاردنية الاعلامية من ان تتبوأ منصب رئيس تحرير صحف يومية واسبوعية، الا انها لم تتمكن من الوصول الى مناصب عليا ولا سيما في نقابة الصحافيين الاردنيين فاقتصر تاريخ عملها النقابي على المجلس النقابي، لكنها لم تتمكن حتى الان من أن تحتل منصب نقيب الصحافيين.
بالنسبة الى كراسنة فان العراقيل التي تواجه المرأة الصحافية هي ذاتها التي تواجه شقيقتها في المهن الاخرى التي تحول دون وصولها الى مناصب عليا، رغم ان الدستور الأردني في مادته السادسة والثانية والعشرين حق المرأة في العمل والتعليم ضمن حدود إمكانياتها وضمن حق المواطن رجلاً كان أم امرأة في تولي المناصب العامة.
وتمضي كراسنة بالقول إن المرأة الاردنية تعاني من الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتخلفة التي سادت المنطقة في الماضي إضافة إلى تميز الرجل والذي حرم المرأة كثيراً من الحقوق وكان المجتمع لا يشجع عمل المرأة مما دفعها إلى دخول مجالات العمل التطوعي.
وتضيف، فمشاركة المرأة الاردنية مثلا في مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب سياسية ونقابات مهنية وعمالية ومنظمات عمل طوعية مختلفة ما زالت تصطدم بالموروث الثقافي والاجتماعي التقليدي الذي كبل المرأة وحال دون حصولها على حقوقها كاملة كمواطنة تقف على قدم المساواة مع الرجال أمام القانون مما رسم صورة نمطية للمرأة.
وساهمت التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدها الأردن في تغير المجتمع الذي شهد ارتفاع مستوى تعليم المرأة وازدياد نسبة مساهمتها في النشاط الاقتصادي.
كابتن طيار ورقيبات سير، أما في المهن غير التقليدية بالنسبة الىالنساء فقد دخلت تجربة مهنة رقيبة سير بعد مرور سنوات طويلة عليها.ودفع نجاح التجربة مديرية الامن العام للخوض بأخرى تتمثل في دخول الفتيات من مرتبات ادارة السير ليقدن دراجاتهن وبذلك تكون المملكة من اوائل الدول في هذا المجال .
ولم يقتصر الامر على ذلك، بل تعداه إلى عملها ككابتن طائرة. وفي تجربة فريدة قاد طاقم نسائي أول طائرة منفردا ودون حضور رجال، حيث حطت طائرة "الملكية الأردنية" على مدرج مطار الملكة علياء الدولي قادمة من العاصمة اليونانية أثينا منتصف عام 2009م ، بقيادة كارول الربضي بمساعدة فريق نسائي كامل لأول مرة في تاريخ الأردن، فكانت التجربة فاتحة لدخول المرأة الاردنية لمعظم قطاعات العمل مع بعض الاستثناءات.
نصف مواطنة
لكن الأرقام وكل هذه المعلومات لا تظهر حقيقة الواقع الذي تعيشه المرأة الاردنية. فملف مثل رفض منح الجنسية لأبناء الاردنيات يطرح الكثير من الاسئلة حول مكانة المرأة الاردنية في القوانين.وشعرت مواطنات بذلك فاطلقن حملة أمي أردنية وجنسيتها حق لي، للمطالبة بتجنيس الابناء بجنسية المملكة.
تقول إحدى اللاتي تزوجن من غير أردني، نحن لا نعتدي على حق أحد ولا نطالب بالاعتداء على حقنا ، لذا نحن نطالب به ،فقانون الجنسية لا يفرق في المواطنة من حيث الجنس.
الأسئلة حول مكانة المرأة الاردنية كثيرة ولكنها اسئلة ستبقى دائما في غير محلها، طالما بقي المجتمع يعاني من مناطق ضعف كبرى تهز كيانه، من قبيل فقدان للعدالة وانتشار للفقر والبطالة، وتعدي الفساد على كل من "الرجل والمرأة". اليمن. . تشريعات مشجعة على الورق و حظوظ مخيبة في الواقع سياسياً واقتصادياً
تحظى المرأة اليمنية بمجموعة من التشريعات والقوانين التي تضمن لها المشاركة في العديد من الأنشطة ، واتاح لها المناخ الديمقراطي النسبي في البلاد أن تظهر كعامل مؤثر في تقرير النتائج الانتخابية، كما ظهر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في فبراير الماضي ، إلا أن منحها تلك الحقوق لم يفض إلى رفع نصيبها في تقرير الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومساهماتها في تلك الأنشطة تبقى متدنية وتقل عن كثير من مثيلاتها من البلدان العربية والإسلامية.
وعلى الرغم من التتويج الدولي للمرأة اليمنية بمنح الناشطة الحقوقية والسياسية توكل كرمان جائزة نوبل للسلام عام 2011، إلا أن المؤشرات تؤكد بجلاء ضيق الهامش الذي تشغله النساء اليمنيات ،فالدستور اليمني وقانون الانتخابات ،وقانون الأحزاب جميعها الغت التمييز بين النساء والرجال وكرست حماية حقوقهن كمواطنات ناخبات ومرشحات شأنهن شأن الرجل ، والمواد (8،9) من قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية حظرتا قيام أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس التمييز بين المواطنين بسبب الجنس ، أو أن يتضمن النظام الداخلي أو البرنامج السياسي لأي حزب شروطاً للعضوية قائمة على أساس التفرقة بسبب الجنسين .
وتوضح المؤشرات الإحصائية تراجع تمثيل المرأة اليمنية في الهيئات والمؤسسات المنتخبة مقابل تزايد مشاركة النساء كناخبات ، ففي حين ترتفع نسبة مشاركة اليمنيات كناخبات إلى 42 % من الكتلة الناخبة حسب إحصائيات اللجنة العليا للانتخابات تتراجع حظوظهن كمرشحات وفائزات ففي الانتخابات النيابية عام 1993م ترشحت لعضوية البرلمان 41 امرأة لم تفز منهن سوى امرأتين ، وفي انتخابات 97م لم تترشح سوى 23 فازت بعضوية مجلس النواب اثنتان وفي الانتخابات النيابية الثالثة 2003م ترشحت (11) امرأة لم تفز منهن إلا واحدة فقط.
وتدني حظوظ المرأة في المؤسسات السياسية والتشريعية المنتخبة يعزى إلى هيمنة الثقافة التقليدية ومنها على وجه الخصوص مواقف بعض الجماعات الدينية من مشاركة المرأة التي يشوبها الغموض وعدم الوضوح ، فحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي أقر مشاركتها في مجلس شورى الحزب لم يقم بتصعيدها إلى مراكز قيادية متقدمة في الحزب، ولم يرشحها في الانتخابات.
وحتى التيارات السياسية الحداثية لا تعطيها الفرصة إلا في حدود ماتجمل به واجهتها الحزبية. الشاعر والناشط السياسي طه الجند يرى أن المرأة اليمنية محاصرة بالتشدد الديني من جهة وبالتقاليد الاجتماعية من جهة أخرى ما يحرمها من ابسط الحقوق في المعاملات الزوجية ،فالتربية والمفاهيم السائدة والمهيمنة في الثقافة الشعبية داخل المجتمع لا تعامل المرأة ككائن رقيق ولطيف ، كما أن غالبية اليمنيين يقمعون كل مشاعر الحب تجاه زوجاتهم ويعتبرون البوح بها من المحرمات .
وعلى الصعيد الاقتصادي لا يبدو حال اليمنية أفضل من الثقافي والسياسي ،فمعدّل مساهمتها يقل عن الرجل بثمانية أضعاف . و رغم ارتفاعه من 9.6% عام 2004 إلى 10.8% في 2006، عاد ليتناقص إلى 9.7% عام 2010. ورغم كل شئ فاليمنيات يظهرن تفاؤلهن بتغير أوضاعهن من الدونية الى الرفعة ولو بعد حين .
البحرين.. غياب الوعي وراء عدم بلوغ المرأة قمة الهرم السياسي
أوضحت الخبيرة الإعلامية الدكتورة الشيخة مي العتيبي أن المرأة العربية ارتكبت خطأ حينما طالبت بالتساوي مع الرجل حيث إنها أضافت أعباء لها بجانب واجباتها، في حين أنها لم تطالب بأن يتساوى الرجل معها في الحقوق وان يتحمل جزءا من أعمالها ومساعدتها مثلا في تدبير شئون البيت أو غيرها، وبالتالي فإنها أصبحت هي الحلقة الأضعف والمرأة تتميز بدقتها في العمل وفي حياتها على عكس الرجل، وبالتالي فان توليها المناصب القيادية التي تصل إلى الرئاسة بات أمرا طبيعيا وهو احد حقوقها.
وعدم تقدم المرأة العربية والوصول إلى ما وصلت إليه نظيراتها في بعض الدول الآسيوية بسبب غياب الوعي الاجتماعي والسياسي المجتمعي في بلداننا ، كما أن التشدد والغلو من قبل البعض احد الأسباب لانهم يتحكمون بمصائر الناس.
وترى الإعلامية البحرينية وجدان فهد أن معدل الحظوظ المتاحة للمرأة العربية لتولي المناصب القيادية والمشاركة في صنع القرارات السياسية قليلة مقارنة مع ما تحظى به قريناتها في الدول المتقدمة في أوروبا و الولايات المتحدة وحتى بعض الدول الأسيوية النامية ، وذلك بسبب كثرة المعيقات في مجتمعاتنا التي تقف حاجزا أمام طموحها وتثبيط عزائمها وتهيئة المناخ الموائم لتقدمها الصفوف الأمامية . وأهم تلك المعوقات تتمثل في التعصب الديني، وضعف الدعم الموجه للمرأة في الجمعيات السياسية والأحزاب، ويدلل على ذلك قلة تمثيلها في الهيئات العليا بتلك الجمعيات .
ولا ننسى أيضا تأثير العوامل الاقتصادية ، حيث لا تزال المرأة في بعض المجتمعات لا تتمتع باستقلالية اقتصادية ، إلا أنها وجدت في العوامل الاجتماعية اكبر عائق وتحد أمام التي ترغب في الترشح للانتخابات النيابية والرئاسية في بعض الدول العربية التي تتبع النظام الجمهوري . وتتمثل تلك العوامل الاجتماعية المعيقة في قصور الثقافة الشعبية لمقدرات وإمكانات المرأة، وعدم اعتبارها مكونا رئيسا من مكونات المجتمع .
أما عن الحلول فلابد من تهيئة المناخ للمرأة عن طريق تحديد طرق واضحة ومحددة للتمويل والصرف على الحملات الانتخابية إن أرادت الترشح للانتخابات وخوض غمار التنافس السياسي،وسن عقوبات رادعة ضد التعرض لسمعة وشخص المرشحة للانتخابات البرلمانية آو حتى الرئاسية .
ومطلوب أيضا سن بعض القوانين والتشريعات التي تحفظ وجودها في مجالس إدارات المؤسسات الاقتصادية الكبرى والهيئات الحكومية بنسبة تمثيل مقبولة ومشجعة مستقبلا لانخراط المزيد من الوجوه النسائية في بوتقة العمل القيادي. مع تخصيص بعض الجوائز التشجيعية ورصدها للمؤسسات والجهات التي تتميز بجهودها وانجازاتها على صعيد تمكين العنصر النسائي من الوصول الى مواقع صنع القرار، وكذلك للسيدات ممن بلغن بجهودهن وكفاحهن مناصب قيادية, وتسليط الضوء عليهن كنماذج بالإمكان للأجيال الشبابية الاقتداء بمسيرتهن .
