اعتبر الخبير الاقتصادي والاستاذ الجامعي والقيادي الحزبي الأردني الدكتور منير حمارنة ان حكومة المملكة تفتقر لاي برنامج حقيقي لمعالجة معضلات الملف الاقتصادي. كما أن مشروع قانون الانتخاب الذي وضعته قبل فترة وجيزة على طاولة مجلس النواب لمناقشته واقراره , ادخل الوطن في مشكلة اكبر مما كانت عليه الأمور في السابق.
ورغم ادراكنا بصعوبة اختيار قانون توافقي يرتضي عليه الجميع، إلاأن ذلك لا يعني أن تدخل البلد في هذه المتاهة.
وقال أمين عام الحزب الشيوعي لا يوجد لدى الحكومة أي عمل من أجل مواجهة الوضع الاقتصادي، مشيرا الى ان الكلام الذي تتحدث عنه في الاعلام عبارة عن كلام فارغ غير قابل للتطبيق.
"البيان" حاورت الحمارنة في ملفات عدة ذات أهمية قصوى للمواطن الأردني الذي ناء كاهله بمتاعب جمة .. وتاليا نص الحوار.
وضعت الحكومة مشروع قانون الانتخاب على طاولة النواب.. وقد قوبل بالكثير من الاعتراض سواء من الاحزاب أو الشارع.. كيف تقرأ المشهد السياسي الداخلي اليوم بالنظر الى المشروع ؟
نعم القانون جاء مخالفا لكل التحضيرات الوطنية السابقة التي بذلت من أجله.
وسبق أن أجرينا العديد من الحوارات العامة والخاصة ومنها مخرجات لجنة الحوار الوطني، كما جرت نقاشات مع الأحزاب وقوى المجتمع المدني، وأجريت لقاءات عديدة بين رئيس الوزراء عون الخصاونة وجهات سياسية مختلفة.
ورغم ادراكنا المسبق باننا لا يمكن أن نتوصل إلى قانون انتخاب تجمع عليه شرائح المجتمع بأسرها، لكن يمكن البحث عن توافقات جزئية مشتركة، الا ان مشروع القانون الذي ارسلته الحكومة الى مجلس النواب لم يكن حتى قريبا من الاتفاقات التي اجرتها الحكومة مع الناس.
فقد نصت مخرجات لجنة الحوار اعتماد نظام القائمة حتى يسهل إقامة التحالفات بين الفئات المترشحة، عبر تقسيم المملكة إلى دوائر انتخابية بعدد المحافظات، بحيث تكون كل محافظة دائرة انتخابية واحدة باستثناء محافظات (العاصمة، الزرقاء، اربـد، وربما الكرك والبلقاء )، فتقسم إلى عدة دوائر، وزيد في حصة المرأة، وفق التوصيات، مع الإبقاء على مبدأ الكوتا، وإلغاء الدوائر الانتخابية المغلقة. وقد اقرت اللجنة النظام المختلط مناصفة بين القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة والقائمة النسبية المفتوحة على مستوى الوطن.
وقلنا في حينه ان ذلك يؤدي إلى الارتقاء بالحياة النيابية، وايجاد مجلس نيابي تمثيلي حقيقي، ما يعني التمهيد لإقامة البرلمان مستقبلا على أسس حزبيـة، يكون مدخلا لتشكيل حكومات برلمانية، ولم تخرج لجنة الحوار بذلك الا بعد سلسلة من الحوارات المستفيضة. من ناحية اخرى كان المطلوب ان يلغى قانون الصوت الواحد او ما يشبهه, والدوائر الوهمية وان يتحول المواطن الى صوتين واحد للوطن واخر للمحافظة، لكن ما جرى في مشروع القانون المقدم اننا قدمنا لجدل اوسع.
ندرك ان هناك صعوبة لاختيار قانون توافقي يوافق عليه الجميع، لكن هذا لا يعني دخول البلد في هذه المتاهة، لقد تحول مشروع قانون الانتخاب الذي قدمته الحكومة الى مجلس النواب الى مشكلة أكبر مما كانت عليه الامور في السابق.
برأيك هل ستتراجع الحكومة عن مشروعها؟
الحكومة تقول إن مشروع القانون خاضع للنقاش بين النواب والقوى السياسية والاجتماعية الأخرى فهل هذا يعني أنها منحت المجلس تفويضا بان يجري حوارات أخرى؟ لا أعلم.لا أحد يعرف بالضبط ما المقصود من (التفويض) فهل هو كلام دبلوماسي ام لا؟ تقديري بل معلوماتي ان مجلس الوزراء أو اللجنة المصغرة لوضع القانون وقعت في خلافات حادة بينها حول المشروع، بدليل استقالة وزير العدل، كما فهمت بان عددا من الوزراء هددوا بالاستقالة، أو على الاقل اظهروا غضبا على المشروع، وأنا لا اقول ذلك كتوقعات بل سمعت ذلك من أحد الوزراء.لا أدري إن كانت الحكومة ستتراجع لان القانون بيد مجلس النواب الآن ,والعرف ان الحكومة لا يعود لها موقف الان، فإما ان يقر المجلس المشروع أو أن يعيده.
هل برأيك قطار الاصلاح في الاردن يتجه نحو مقاصده؟
القانون أبعد مناخ التفاؤل حول الاصلاح... لا تدري أين هي الاجواء. لدي شعور ان الحكومة كانت في وضع صعب، وهي تبحث عن مشروع قانون، بدليل أن اعلانها انها انهت المشروع وانها سترسله الى مجلس النواب تعطل ثلاثة أيام من الموعد المعلن، وهذا يعني ان الامر لم يكن سهلا عليها.
بهذا استنتج ان امورهم لم تكن هينة. أنا اعلم ان رئيس الوزراء من حيث المبدأ كان مع قانون 89 ووزراء آخرون كانوا مع النسبية، ولكن كيف جرى الاتفاق وكيف خرج المشروع الى العلن لا أعلم.
أمام الحكومة ملف آخر لا يقل أهمية.. الملف الاقتصادي.. هل أنت راض عن الاجراءات الرسمية حياله؟
يفوق الملف الاقتصادي في الاردن الملف السياسي، بل إن المطالب الشعبية تتمحور اليوم حول الكثير من نقاطه. لما له من تأثير بالغ حتى في الحياة السياسية بل وفي مسار كل شيء في البلد.وبدأت الأمور بالحالات المطلبية والاضرابات العمالية والعاطلين عن العمل، وظهر ذلك والبلد ترزح تحت دفعات وموجات متتابعة لغلاء معيشة فظيع لم تواجهه البلاد من قبل، مع وجود نسبة بطالة عالية، هذه النسب التي لا تفصح الحكومة عن حقيقتها بشكل دقيق، واضافة الى ذلك يدرك الجميع حجم معدلات الفقر المرتفعة في اوساط الاردنيين.
وهذا كله قائم في ظل افتقار الحكومة لاي برنامج حقيقي لها لمعالجة كل ذلك، فالحكومة لا يوجد لديها أي عمل من اجل مواجهة الوضع الاقتصادي، والكلام الذي تتحدث عنه في الاعلام عبارة عن كلام فارغ غير قابل للتطبيق وأكبر دليل موجات الغلاء المرتفعة وازدياد نسب الفقر والبطالة.
الحراك الشعبي
حول وصول آلية تعاطي الحكومة مع الحراك الشعبي وما يقوله البعض ان الجهات الرسمية لم تعد تمارس القبضة الناعمة في التعامل مع النشطاء السياسيين، كما كانت عليه الامور العام الماضي.
قال دكتور حمارنة يبدو ذلك، لكني لست متأكدا، ففي الفترة الاخيرة بدأت الدولة في محاولة ان تأخذ مواقف اكثر تطرفا في وجه الحراك الشعبي، وذلك يدل على ان السلطات بدأت تشعر بالضيق. لكن مثل هذه الاسلوب إزاء انسداد الافق السياسي والاقتصادي سينتج للحكومة أزمة أخرى اكثر خطورة. على الحكومة ان تدرك أنها إذا تخلت عن مواقفها السابقة في معالجة الحراك ستخسر رصيدا هائلا كونته طوال عام من عمر الحراك. إن تخلي الاجهزة الرسمية عن صبرها ينبئ عن حالة من الخطر. وآمل ان لا يحدث ذلك.
وهو ما يعني ادخال البلاد في حالة يصبح فيها الحل في البلد اكثر صعوبة. لكني اراهن أن ما جرى مع الطفيلة ظاهرة عابرة وهذا يعني ان هناك فرصة أكبر للتوجه نحو الاصلاح.
