قال ياسين سعيد نعمان الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني واحد ابرز القادة السياسيين في اليمن ان الحصانة التي منحت للرئيس السابق علي عبد الله صالح مرتبطة ارتباطا مباشرا بنقل السلطة، وكان الهدف الأساسي هو تجنيب اليمن الانزلاق نحو الحرب .

وقال في حوار مع "البيان" ان نقل السلطة يعني التخلي عن ممارسة العمل السياسي، وشدد على ضرورة ان يبدأ الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي بهيكلة القوات المسلحة من خلال توحيد القوات تحت قيادة موحدة هي وزارة الدفاع، وتوحيد الأجهزة الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية، مع العمل على اعفاء بعض القيادات العسكرية ومن ثم البدء بالتحضير الواسع للحوار الوطني عبر التواصل مع الاحزاب والقوى السياسية المختلفة، سواء التي وقعت على المبادرة الخليجية، او التي ظلت خارجها، والتهيئة للحوار سياسيا وشعبيا باعتبار ان العملية يعول عليها في صناعة المستقبل.

وتحدث عن المواجهة مع تنظيم القاعدة وغياب استراتيجية واضحة لمواجهة الارهاب والدور الاميركي ومواقف فصائل الحراك الجنوبي والمتمردين الحوثيين من الحوار الوطني الشامل، وغيرها من القضايا في نص الحوار التالي :

كيف ترى المشهد السياسي في اليمن، هناك جمود مع ان الاوضاع غير مطمئنة على الصعيد السياسي أو العسكري والأمني ؟

هناك صعوبات وتعقيدات ولكن حل هذه الصعوبات والتعقيدات ليس مستحيلا، المهم ان توجد الارادة السياسية التي تعكس الارادة الشعبية التي صوتت يوم 21 فبراير للتغيير، والتي يجب ان تنطلق من الارادة الشعبية الآن، ولذلك لاأرى ان الحل مستحيل .

وبماذا تبرر حالة الجمود السياسي القائمة خصوصا ما يتعلق بالاعداد لمؤتمر الحوار الوطني او ما يتصل بعملية هيكلة الجيش، وسحب المسلحين من المدن ؟

على رئيس الدولة المنتخب والحكومة ان يضعا برنامجا زمنيا لتنفيذ المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها، وان تكون هناك أولويات محددة تبدأ من القضايا الكبرى التي تشكل حجر الزاوية في استكمال عملية التغيير ونقل السلطة، ثم مايليها، ولابد من العودة الى ماهو أهم.

وماهو الأهم في تقديرك ؟

أولا استكمال نقل السلطة بشكل كامل من خلال البدء بهيكلة القوات المسلحة والأمن، المرحلة الأولى، واقصد بالمرحلة الأولى توحيد القوات المسلحة تحت قيادة موحدة هي وزارة الدفاع، وتوحيد الاجهزة الامنية تحت قيادة الداخلية، مع العمل على اعفاء بعض القيادات العسكرية . وفي هذا الجانب يمكن أن نتبع جزءا من الموروث السياسي بتعيين بعض القيادات كسفراء أو ملحقين عسكريين، ,الخطوة الثانية البدء بالتحضير الواسع للحوار الوطني عبر التواصل مع الاحزاب والقوى السياسية المختلفة، سواء التي وقعت على المبادرة الخليجية، او التي ظلت خارجها والتهيئة للحوار سياسيا وشعبيا باعتبار ان هذه العملية يعول عليها في صناعة المستقبل .

 

رفض الشروط

كنتم قد طرحتم 12 ملاحظة على الرئيس هادي من اجل انجاز مهمة الوصول الى مؤتمر الحوار الوطني من بينها ابتعاد الرئيس السابق عن رئاسة حزب المؤتمر الشعبي، واخضاع قوات الجيش والامن لسيطرة وزارتي الدفاع والداخلية. لكن الدكتور عبد الكريم الارياني رد عليكم وقال انه لن يقبل بأي شروط مسبقة للحوار ؟

اولا نحن لم نضع شروطا وانما نبهنا الى ان هناك اولويات يجب انجازها في اللحظة الراهنة، اذا اردنا ان نخطو نحو الحوار بشكل جاد واشرنا الى عدد من الموضوعات ومنها ان بقاء الرئيس السابق على رأس المؤتمر الشعبي يتعارض مع المبادرة و التسوية والحصانة الممنوحة , بل وتتعارض عمليا ونظريا مع اللائحة الداخلية لحزب المؤتمر الشعبي والتي تنص على ان رئيس الدولة هو رئيس المؤتمر الشعبي ,كما اننا ننظر الى نقل السلطة بصيغتها المتكاملة التي تشمل هذا الموضوع , وتحدثنا ايضا عن موضوع هيكلة القوات المسلحة والأمن.

وبررنا لماذا ذلك , وقلنا ان الأوضاع الامنية في الوقت الحاضر خطيرة , وعندما نتحدث مع وزير الداخلية يقول انا ليس في يدي أي شيء لا استطيع ان اعطي اوامر للاجهزة الامنية, لانها لاتزال خارج سيطرة الوزارة , وكذلك الحال في وزارة الدفاع , ثم تحدثنا عن وضع المحافظات وبالذات تلك التي تشهد انفلاتا امنيا كبيرا ,حضورا لمسلحين تحت عناوين مختلفة , وقلنا ان هذه المحافظات في ظل غياب القيادات الادارية والامنية القادرة على مواجهة هذه التحديات تحتاج الى الاسراع في معالجة اوضاعها .

وتحدثنا عن فصل قيادة قوات مكافحة الارهاب عن التكوينات العسكرية القائمة وايجاد قيادة موحدة تحت امرة رئيس الدولة , كما تحدثنا عن اشياء كثيرة , وكنا نرى من وجهة نظرنا انها تنفيذ للمبادرة والآلية التنفيذية والتسوية السياسية , واذا نظر المؤتمر الشعبي اليها باعتبارها شروطا فذلك شأنه , وعليه ان يقول لنا كيف سينفذ المبادرة من وجهة نظره , ولذلك نحن توجهنا بخطابنا الى رئيس الدولة باعتباره المفوض شعبيا بتنفيذ المبادرة الخليجية و آليتها .

هناك قضيتان رئيسيتان يتمسك بهما اللقاء المشترك , الاولى رفض فكرة بقاء صالح كرئيس للرئيس من خلال حزب المؤتمر , والثانية بقاء الجيش واجهزة الامن خارج سيطرة رئيس الدولة , ويقال انكم مصممون على انكم لن تذهبوا الى مؤتمر الحوار قبل تحقيقهما ؟

انا اعتقد ان الناس صوتوا إلى عبد ربه كرئيس جديد لليمن لكي يستعيد الدولة المغتصبة وهذه أول خطوة , واذا لم يستطع برغم التفويض الكبير من الشعب , ولكن من وجهة نظري هناك خطوات تتم وتنقصها فقط التقدير الدقيق للأولويات بين المهم والأهم . والأهم الآن توحيد القوات المسلحة والأمن , توحيدا حقيقيا يعكس الارادة الشعبية التي خرجت يوم 21 فبرايرمطالبة باستعادة الدولة من خاطفيها .

يؤخذ عليكم في اللقاء المشترك عند الحديث عن توحيد الجيش انكم تتحدثون عن اقارب الرئيس السابق فقط , ولا تتحدثون عن القادة العسكريين الذين ساندوا الثورة ؟

أولا, لا بد من التأكيد أنه لا يوجد من هو أكبر من مصلحة الوطن والشعب .. حصل انقسام في الجيش , وكان هناك طرف يدعي انه كان يحمي الكرسي او الشرعية , وبالتالي توجه بكل قوة لضرب الناس , وكلما شهدناه من عنف يتحمل مسؤوليته هذا الطرف , وهناك طرف آخر من الجيش نفسه اخذ موقفا لحماية الثورة , هذا الوضع كان قبل 21 فبراير، واليوم بعد ان تمت الانتخابات وجاءت شرعية جديدة فان السؤال هو للطرف الذي كان يدعي حماية الشرعية , اي شرعية يحمي اليوم؟ ثم ايضا الطرف الاخر الذي يحمي الثورة , الثورة الان اصبحت جزءا من التسوية السياسية وان لم يكن المقصود الثورة بشكل عام , لكن اهدافها , وبالتالي هناك اليوم سلطة مسؤولة عن الجميع , وعن الشرعية والتغيير ,ولذا لامبرر للانقسام .

 

حصانة مطلقة

باعتبارك احد مهندسي التسوية السياسبة يؤخذ عليكم انكم منحتم الرئيس السابق حصانة مطلقة من الملاحقة القضائية دون ان تشترطوا ابتعاده عن ممارسة العمل؟

لست مهندسا أنا إقتصادي ,وأقول إن البعض ولأسباب معينة ينظرون الى الحصانة ويتناسون الحديث عن نقل السلطة , فالحصانة مرتبطة ارتباطا مباشرا بنقل السلطة , ونقل السلطة نعرف ماذا تعني بالنسبة إلى علي عبد الله صالح والنظام الذي أسسه , لذلك لابد من النظر للموضوع بشكل مرتبط , وكان الهدف الأساسي تجنيب الوطن الانزلاق نحو الحرب . ونقل السلطة يعني التخلي عن السلطة وممارسة العمل السياسي , منطلقين مما ورد في النظام الأساسي لحزب المؤتمر الشعبي والذي ينص على ان رئيس الدولة هو رئيس الحزب , السلطة الى من نقلت , نقلت الى نائب الرئيس الامين للحزب .

وتلقائيا يعني ان علي عبد الله صالح لم يعد له وجود سياسي , وذلك مضمون التسوية , والرجل عندما سافر الى الولايات المتحدة عبر عن هذا المفهوم بوضوح لكن للأسف هناك عوامل ربما سمحت بايجاد تفسير آخر منها ماهو مرتبط بصالح نفسه,وامكانية بقائه في الخارج ونعرف المشكلة التي برزت كما ان بعض عناصر النظام القديم لم يستوعبوا عملية التغيير وهم لايودون بصالح بل تصفيةحساب معه خدمة لمصالحهم ,

كيف تفسر الظهو ر الكبير لما يسمى بتنظيم انصار الشريعة او عناصر تنظيم القاعدة , خصوصا وان المسؤولين اليمنيين والاميركيين كانوا يقولون ان اعداد عناصر القاعدة في البلاد لاتتجاوز 300 فرد ,والان هناك الآلاف , والتنظيم يتوسع من لحج الى حضرموت والبيضاء وغيرها , هل ذلك ناتج عن فراغ أمني أم هناك اطراف تلعب على هذا الوضع ؟

دعني اقول ان المسألة ليست بالبساطة , بل على درجة كبيرة من الخطورة , وعلينا ان ننظر اليه من زاوية تاريخية أبرزها توظيف الارهاب لأسباب مختلفة , كما ان غياب الدولة من اماكن عدة, جعل المسلحين يحلون محلها , ما اعطى تلك القوى قدرا من الاعتقاد بأنها قادرة على التوسع , وعندما تتخلى أجهزة الأمن عن دورها في القبض على المشبوهين , فتلك عوامل تساعد على الانتشار.

النقطة الاخرى في هذا الموضوع تطرح سؤالا كبيرا حول جدية مواجهة القاعدة , هل هناك استراتيجية جادة لمواجهة القاعدة , والارهاب , ام ان هناك استراتيجية من نوع آخر تقوم على عملية الاحتواء , والفرق كبير بين الاثنين ,ولذلك اعتقد ان مسؤولية مواجهة الارهاب مسؤولية وطنية , ولهذا فالاستراتيجية الوطنية لمواجهة الارهاب , يجب ان لاتقوم على المواجهة العسكرية فقط. ولكن لابد ان تأخذ اشكالا وابعادا ومضامين متعددة ,وبدلا من ان تبقى قضية امنية فقط يجب ان تتحول الى قضية وطنية سياسية اقتصادية اجتماعية امنية لكل الشركاء ، وبين الاجنبي الذي يأتي الى داخل البلد حاملا فكرة معينة تحت اي عناوين كانت , واذا لم ينظر اليها من هذه الزاوية فانها ستكون اكثر خطورة خلال الايام القادمة.

فيما يتعلق بالدور الأميركي , هناك من يقول ان تدخله عسكريا بالضربات الجوية على مواقع القاعدة , قد يحبط الفكرة ويخلق تعاطفا شعبيا مع التنظيم؟

الاميركان اذا ارادوا ان يكونوا شركاء في هذا الموضوع فان عليهم ان ينصتوا للصوت اليمني فيما يتعلق بايجاد استراتيجية متكاملة لهذه المسألة , لانه في ظل غياب هذه الاستراتيجية , وفي ظل صمت الدولة اليمنية لن يكون هناك الا منطق واحد , هو منطق الامن والمواجهة العسكرية , لابد من استراتيجية يجري الاتفاق عليها بين كل القوى السياسية والاجتماعية والدولة باعتبارها قضية وطنية في المقام الاول .

مشاركة الجميع

وفيما يتعلق بالتحضير لمؤتمر الحوار الوطني ومواقف اطراف في الحراك والحوثيين , هل تعتقد ان بالامكان الوصول الى مرحلة تشارك فيها كل الفصائل ؟

نحن مازلنا الان في مرحلة اللا توازن , وكل واحد يستخدم كل اوراقه , وكل طرف لايزال حتى الآن غير واثق من ان العملية السياسية تمضي بشكل يستطيع معه ان يعطيها كل ثقته , وبالتالي يعطي أوراقه النهائية , ولهذا ليس مطلوبا في هذه المرحلة ان أطلب من الأطراف ان تقول ماذا تريد الآن ,الا اذا دارت العملية السياسية بشكل يستطيع معه كل طرف ان يشعر أن الأمور بدأت تسير بشكل تحمل فيه قدر من الضمان لحوار جاد وحقيقي . وعلينا ان نضمن للحوار ظروف تساعد على انجاحه .

انتم في الحزب الاشتراكي تبنيتم قبل الثورة رؤية الدولة الاتحادية كمخرج من الاوضاع التي تعيشها اليمن , هل تعتقدون انها لاتزال صالحة , وتتقدمون بها الى مؤتمر الحوار ؟

رؤيتنا في اطارها العام تقول ان المركزية غير صالحة لليمن , وثانيا كل المتغيرات التي نشأت خلال الفترة الماضية تطرح أمامنا سؤالا عن مفهوم اللامركزية , نحن توصلنا عبر حوار داخلي حتى الان وحتى مع شركائنا في اللقاء المشترك ,عن لامركزية تتجاوز اللامركزية الادارية الى ذات البعد السياسي , بمعنى ان الدولة الاتحادية هي التي يتعايش فيها كل ابناء الوطن على قدم المساواة , وغير محكومة بابعاد جغرافية او جهوية او طائفية وذات قاعدة وطنية, تجسدها فكرة التقسيم الاقليمي الذي يحقق القدرة على ايجاد نظام سياسي واقتصادي واجتماعي متكامل .

ولهذا فان هذه القواعد التي نتحدث عنها في الحزب الاشتراكي ولدينا حاليا لجنة شكلت لغرض التهيئة للحوار مع شركائنا , و هناك حوارات داخلية تتم في الوقت الحاضر , والسؤال الان هو , ماذا لو لم يتفق الناس , هل يفشل الحوار ؟ انا اقول يجب الاتفاق على قاسم مشترك أعظم ,لأننا نتحدث عن مستقبل , وبالتالي كل انسان لديه مشروعه السياسي والمهم أن يفضي الحوار إلى تفاهمات توفر قيام الدولة الضامنة للحرية السياسية والثقافية دون أي قيود لجعل الإرادة الشعبية صاحبة القرار في القضايا المصيرية .

كان للحوثيين تقارب كبير مع اللقاء المشترك الى ما بعد التوقيع على المبادرة الخليجية ,ثم تغيرالموقف وبدأت المواجهات في عدة مدن بينهم والقبائل وأنصار اللقاء المشترك ؟

يجب نفرق بين أمرين , فان يكون للحوثيين موقف من المبادرة فهذا شأنهم دون الإنزلاق إلى التخوين . والموضوع الآخر المتصل بالمواجهات المسلحة بذلنا نحن في الحزب الاشتراكي جهدا كبيرا ووصلنا مع الاطراف الى تسويات , وللاسف كانت الامور تتفجر على اسس مغايرة تماما للثقافة التي انتجتها الثورة , وقبل ايام كنت على اتصال مع قيادة الحوثيين والاصلاح لمناقشة كيف يمكن تشكيل مرجعية سياسية لاي اتفاق يتم بين الطرفين , واتفقنا على لقاء لاتمام الاتفاق مع الاحزاب السياسية, وانا اعتقد انه لابد من محاصرة المسألة , والمهم هو ان نغادر اسباب الخلاف التي هي خارج حاجة اليوم .