الخلع.. من حق المرأة أن تطالب بالانفصال عن زوجها؛ كي لا تقع تحت رحمته أو تستمر في حياة هي لا ترضاها أبدًا، وهذا حق من حقوقها؛ حتى لا تصبح أسيرة لرجل يهينها أو لا يعطيها كامل حقوقها".. هذا هو لسان حال كثير من المصريات المعترضات على فكرة إلغاء قانون الخلع، وحرمان السيدات من تطبيقه، وهو الجدل الثائر داخل أروقة البرلمان المصري، بعد طلب نواب سلفيين إلغاء مواد قانون الخلع بدعوى أنه من قوانين النظام السابق في مصر.

والخلع هو أن تطلق الزوجة نفسها بشرط، أو يطلقها القاضي على أن تعيد ما أعطاها الزوج من مهر، كما أن فراق الزوج في هذه الحالة يكون دون عيوب أو دون أن تصدر منه إساءة إليها، ولكن إذا كانت الزوجة متضررة من الزوج فإنها تأخذ كل حقوقها، وهنا يتم الطلاق وليس الخلع.

 

احصائية رسمية

وقد بدأ العمل بقانون الخلع في مصر منذ عام 2000، وفي آخر إحصائية رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت أعداد قضايا الخلع منذ بداية تطبيقه وحتى الربع الأول من عام 2010 بلغت خمسة ملايين قضية خلع؛ أي نحو نصف مليون قضية سنويًا، وهو رقم كبير جدًا بالمقارنة بقضايا الخلع في دول عربية مثل الجزائر مثلاً، والتي بلغ فيها عدد القضايا في العام 2010 نحو ما يقرب من 11 ألف قضية.

ودعمت سوزان مبارك، زوجة الرئيس السابق حسني مبارك، قانون الخلع حتى إقراره، وعقب سقوط النظام راحت أعين السلفيين، وعدد من الإسلاميين الذين يسيطرون على البرلمان تتوجه لهذا القانون بهدف إسقاطه؛ بحجة أنه يتعارض مع الشريعة الإسلامية، فتقدم النائب محمد العمدة، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، بمشروع قانون لإلغاء المادة 20 من القانون 1 لسنة 2000 والمعروف بقانون الخلع.

في المقابل، رفض الاتحاد النسائي المصري إلغاء قانون الخلع، مؤكدًا على أنه قانون مهم، وجاء كي يخرج السيدات من مأزقهن وسط الخلل القانوني في عدم استطاعتهن الحصول على كامل حقوقهن والحصول على أحكام الطلاق لصالحهن.

 

تنازل عن الحقوق

ووفقًا لقانون الخلع تقوم الزوجة بعرض مقدم المهر الذي قبضته من زوجها وتتنازل عن جميع حقوقها المالية، على أن يكون تنازل الزوجة عن حقوقها المالية فقط دون حقوق أولادها من الزوج حتى ولو كانوا في حضانتها.

وتقول الناشطة نهاد أبوقمصان، أمين عام المجلس القومي للمرأة : "الخلع منصوص عليه في القرآن الكريم والسنة النبوية"، نافية كافة الاتهامات التي يقولها أنصار التيار السلفي ضد قانون العنف.

والثابت في الإسلام قصة يرويها عبدالله بن عباس، أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس جاءت للرسول صلى الله عليه وسلم، فقالت له: يا رسول الله، إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكبر الكفر في الإسلام، فقال الرسول: أتردين عليه حديقته، قالت: نعم، فقال الرسول: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة.. وهو الأمر الذي يعد أول خلع في الإسلام، وتم إباحة قانون الخلع من منطلقه.

"الخلع ضمان لحق المرأة في حياة كريمة مع زوجها، فإنه من العار أن يستمر الرجل في زواجه بامرأة لا تريده، وهناك من الرجال من يريد إذلال المرأة فيظل واضعًا إياها، وهاجرًا إياها دون طلاق أو معاشرة، كالمُعلقة، ولذا وجب إعطاء الحق للزوجة في طلب الخلع منه أمام المحكمة"..

 كذلك قالت أسماء منصور، مُحاسبة بإحدى المؤسسات الخيرية بمصر، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن قوانين النظام السابق ليست كلها قوانين سيئة، بل على العكس فقد كان فيها عدة قوانين تخدم الأسرة وتأتي في صالح الأطفال ودعم العلاقات الأسرية بشكل عام.

 

مناشدة البرلمان

وشدّدت الزوجة المصرية على ضرورة أن يقوم البرلمان المصري بمناقشة قضايا أكثر أهمية من قضية الخلع، ويتفرغ للقوانين الأكثر حساسية، مثل قوانين الاستثمار، وأن يترك قوانين الخلع والزواج كما كانت عليه، قائلة: "البرلمان ذكوري، ليس به سوى عدد قليل من السيدات، ولذا من السهل أن يشن حربًا على الخلع بمفرده، لكن كافة المنظمات الحقوقية، والنسائية ستقف ضد أي تغير في هذا القانون، وخاصة أنه حق من حقوق المرأة لا يمكن أن تتراجع عنه بأي شكل من الأشكال".