تتواصل معاناة النساء الفلسطينيات المستمرة منذ عشرات السنين جراء العنف الممارس بحقهن بفعل ممارسات الاحتلال والانتهاكات التي يقترفها على نطاق واسع بحق المدنيين قاطبة ومنهن النساء، كل ذلك بالإضافة إلى العنف الممارس عليهن من قبل المجتمع المحلي، عبر أشكال مختلفة منها الجسدي والنفسي بفعل الموروث الثقافي والاجتماعي والعادات والتقاليد التي تكرس التمييز بين الذكر والأنثى.

فعلى صعيد العنف الممارس من قبل الاحتلال، وثق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان مقتل 3 نساء العام الماضي وإصابة 35 امرأة. فقد قتلت المواطنة جواهر أبو رحمة، 35 عاماً، جراء استنشاقها الغاز المسيل للدموع التي أطلقته قوات الاحتلال على المشاركين في تظاهرة سلمية نظمها نشطاء محليون ودوليون ضد استمرار أعمال البناء في الجدار الفاصل قرب بلعين، غربي رام الله.

كما قتلت المواطنة نجاح حرب سالم قديح، 41 عاماً، وابنتها نضال إبراهيم ، 19 عاماً، كما أصيبت ابنتاها نداء 18 عاماً، وفداء 15 عاماً، بجراح خطيرة، جراء قصف طائرة حربية إسرائيلية منزلها في قرية عبسان الكبيرة، شرق خان يونس في غزة. كما ينعكس استمرار التدهور في أوضاع حقوق الإنسان والأوضاع المعيشية للسكان بشكل اكبر على حياة الفلسطينيات .

وبشكل خاص في القطاع ، إلى جانب استمرار الحصار المفروض على غزة الذي يحول دون تمتع آلاف النساء بمستوى معيشي ملائم، ما تسبب في تفاقم أزمتي الفقر والبطالة، الأمر الذي انعكس على حياتهن الاجتماعية بشكل كبير وأدى إلى تفاقم العنف المحلي الممارس ضدهن.

 

عنف المجتمع

وعلى صعيد العنف الممارس ضد النساء في المجتمع المحلي فقد تم توثيق مقتل 3 نساء خلال العام الجاري في غزة والضفة في إطار حوادث الفلتان الأمني وسوء استخدام السلاح. وجرائم القتل على خلفية ما يسمى بالشرف. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أصدر قراراً بقوة القانون من شأنه إلغاء الأحكام المخففة بحق مرتكبي الجرائم بقضايا "شرف العائلة".

وكانت قصة مقتل الفتاة آية براذعية 22 سنة، من بلدة صوريف بمحافظة الخليل جنوب الضفة على يد عمها وعدد من أصحابه العام الماضي وتحديدا بعد عام على اختفائها والعثور عليها داخل بئر مهجورة، الدافع الأكبر للرئيس الفلسطيني لتعديل فقرتين من قانون العقوبات المعمول به في الأراضي الفلسطينية. لكن عددا من المؤشرات والمعطيات الواقعية التي أوردتها عدد من المؤسسات النسوية العاملة في مجال الدفاع عن حقوق النساء، تشير إلى ارتفاع وتزايد حالات القتل خاصة في الضفة . والتي سجلت أكثر من 10 حالات في مؤشر إلى ازدياد حالات القتل .

وقالت المديرة العامة لجمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية آمال خريشة، إن المرأة تواجه إشكالات عدة من العنف والاضطهاد، فهي تواجه عنف المجتمع الذي يحرمها حقها في المشاركة المجتمعية بشكل متساو مع الذكور، رغم كفاءتها وتفوقها العلمي وحقها في الميراث والملكية التي تعزز مكانتها الاقتصادية والاجتماعية، اضافة الى عنف الاحتلال الذي يحاول مصادرة حياتها .

وتقول الأخصائية الاجتماعية نعمة حسين لـ"البيان" إنه في جرائم قتل في مجتمع تحكمه العادات والتقاليد المحافظـــة، يكتنف الحديث عن جرائم الشرف الغموض والتسـتــر عـــن تفاصيل تلك الحوادث، والتي تسجل في كثير من الحالات على أنها حالة وفاة طبيعية، أو بسبب مرض عضال نظراً إلى حساسية المشكلة، إذ يعتبر الحديث عنها بخاصة في المجتمعات الريفية، من المحرمات.

ولا يتم نشر معلومات كافية عن تفاصيلها ، لذلك تبدو أعداد من لقين حتفهن نتيجة القتل على خلفية «شرف العائلة»، قليلة أو غير دقيقة فهناك حالات قتل تسجل ضد مجهول، أو مثلاً سقوط فتاة من سطح منزل، أو إقدامها على الانتحار وما شابه ذلك، تجنباً «للسمعة السيئة التي قد تلحق بعائلة الضحية، وللهروب من المساءلة القانونية التي تصدر عادة أحكاماً مخففة للجناة الذين تتنوع طرق وأساليب قتلهم النساء بين الطعن بأداة حادة أو الخنق أو غير ذلك، نظراً إلى عدم وجود قانون عقوبات فلسطيني رادع.

يشار إلى أن السلطة الفلسطينية لم تتمكن حتى الآن من إنجاز وإقرار قانون العقوبات الفلسطيني الذي تم العمل عليه مع مختلف المؤسسات الحقوقية الرسمية والخاصة منذ سنوات، والمجلس التشريعي هو الجهة المخولة إقرار التشريعات وتعديلها.